علي سعيد القحطاني

شكلت سنة الرئاسة السعودية لقمة العشرين منعطفا مهما في مسيرة التعليم العالمي، حيث أدرجت المملكة العربية السعودية مجموعة التعليم ضمن مجموعات عمل هذا العام، وعلى الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي تدرج فيها مجموعة التعليم في قمم دول العشرين، إذ تم إدراجه في سنة الرئاسة الأرجنتينية عام 2018م، وغاب عن سنة الرئاسة اليابانية عام 2019، حيث لم تضعه قمة اليابان ضمن أجندتها بشكل مباشر ومستقل، إلا أن الوضع في قمة الرياض مختلف كليا عطفا على ما تم تحقيقه في هذه القمة.

ففي قمة الأرجنتين لم يأخذ هذا الملف حقه كاملا من النقاش والمداولة والمخرجات، فكان التناول بشكل عام وحول موضوعات مختلفة مثل التعليم وعلاقته بالاقتصاد دون التركيز على أولويات محددة، بخلاف الرئاسة السعودية إذ ناقشت مجموعة عمل التعليم لعام 2020 ثلاثة محاور رئيسية، أولها التعليم المبكر للأطفال (ECE) كأساس لتطوير الكفاءة العالمية ومهارات القرن الحادي والعشرين، ثانيها العالمية في التعليم كعملية مرنة لدمج المعرفة والمهارات والاتجاهات العالمية المتعددة الثقافات في منظومة التعليم على جميع المستويات، وثالثها ضمان استمرارية التعليم في أوقات الأزمات.

ويشكل المحور الثالث والذي قدمته مجموعة عمل التعليم برئاسة المملكة أهمية كبيرة، فالآثار المترتبة لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) على التعليم كانت كبيرة جدا وغير متوقعة، إذ أصبح ما يقارب المليار و600 مليون طالب وطالبة حول العالم خارج العملية التعليمية.

إن الآثار من هذه الجائحة لم تكن بذاك السوء في المملكة العربية السعودية بفضل الله سبحانه وتعالى أولا ثم بفضل توجيهات القيادة الحكيمة، فحينما تم إعلان إغلاق المدارس في الثامن من مارس الماضي، دشن معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، بعد قرار تعليق الحضور إلى المدارس بـ 24 ساعة فقط المدرسة الافتراضية والتي ابتدأت بثها عبر 12 قناة تلفزيونية ووصلت الآن إلى 23 محطة فضائية ومجموعة من المنصات التعليمية غطت المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، استفاد منها 6 ملايين طالب وطالبة ونصف مليون معلم ومعلمة.

والجميل هذا العام هو تدشين منصة «مدرستي» والتي توفر مجموعة كبيرة من الخدمات التعليمية بما فيها الفصول الافتراضية، حيث استفاد من خدماتها أكثر من ستة ملايين مستفيد ما بين طلاب وطالبات.

التجربة السعودية في التعليم عن بعد تعد نبراسا لبقية دول العالم التي عانت كثيرا في العملية التعليمية خلال أزمة جائحة كورونا المستجد، فقد تم تقييم تجربة المملكة في التعليم في مواجهة هذه الجائحة للعام الماضي وكانت النتيجة أن تقدمت المملكة في 13 معيارا من أصل 16 معيارا من بين 37 دولة، حيث أجرى المركز الوطني للتعليم الإلكتروني مع سبع منظمات عالمية بما فيها UNESCO وغيرها من الجهات المتخصصة هذا التقييم، وفي هذا الفصل الدراسي من العام الحالي تجري نفس المنظمات التقييم ذاته مرة أخرى للوقوف على معدل التغيير في المعايير من الفصل الماضي إلى الفصل الحالي وما هي الاحتياجات للفصل القادم.

ومن خلال اطلاعي ومتابعتي لجهود ممثلي مجموعة عمل التعليم لمجموعة العشرين ومشاركة المنظمات الدولية معها خاصة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، تجدني عزيزي القارئ متفائلا بأن ما تم في هذه القمة سيضع أسسا جديدة وطريقا مختلفا لكل المهتمين بالتعليم في أنحاء العالم.

@Ali21216