د. نورة عبدالله الهديب تكتب:

حياة الإنسان فيها من التراكمات السلبية والإيجابية، التي تتحكم في سلوكه الفكري والعاطفي. والسلوك عبارة عن ترجمة لأفكاره ومعتقداته وعواطفه، التي نشأ عليها وعاش في محيطها. فالجهاد، الذي يعيشه الإنسان بين الممنوع والمرغوب تكون نتيجته -عادةً- إما حسنة أو سيئة. فالله سبحانه وتعالى، خلق الإنسان وخلق معه كل الأسباب، التي تعينه على مواجهة الحياة وظروفها، التي تجلب السعادة، الشقاء.

وبين القدرة والاستطاعة يواجه المؤمن مصائبه، ومن رحمة الله تعالى بالمؤمن، فإن التكليف لا يتجاوز حدود القدرة. ليستطيع الإنسان أن يتحمل ما يواجهه من الظروف والمواقف، التي تُهذّب العقل والقلب. والإنسان المؤمن يتغذى على المصادر المادية والمعنوية، التي تعينه على الاستمرارية في هذه الحياة بشكل متوازن.

فأي مصدر في هذا الكون يعتبر طاقة تُغذي مَنْ يستعين بها، فالطاقة عبارة عن قوة تولد وتنتج من نفسها، وهذه إحدى سُنن الحياة. فكلما شعر الإنسان بالضعف بحث عن مصدر القوة، الذي يعينه على الاستمرارية والعطاء. وكذلك هو الإنسان المؤمن، فكلما أصابته مصيبة، فإنه مُعرض للهجمات النفسية، التي تقلل من قدرته على التحمل في مواجهة المصائب. والصدمات السلبية التي تواجه الإنسان تمنعه -أحياناً- من رؤية الأمور بالشكل الصحيح. ولربما يؤثر ذلك على إيمانه، فيستغل شيطان النفس تلك الثغرات، فتُعمى بصيرة المؤمن بالجزع أو القنوط ليصل الشيطان إلى مُبتغاه.

على سبيل المثال، فإن الله تعالى ذكر لنا في كتابه الكريم أهم مصادر الطاقة، التي تغذي النفس في حال ضعفها وهوانها. قال تعالى في سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة). ففي الآية نداء للمؤمن، الذي يجاهد في هذه الحياة لمواجهة المصائب، التي ولربما تجعله عُرضة لشيطان نفسه إذا أنهكه التعب. فالصبر عبارة عن طاقة روحانية لها مستويات وأنواع متعددة وأعلاها هو الصبر الجميل، الذي يلازمه الرضا بما كتبه الله تعالى. فالصبر الجميل عبارة عن مدرسة تُهذب الإنسان وتعينه على رؤية الأمور من زوايا متعددة تُسلي قلب المؤمن وتعينه على ما أصابه. والاستعانة بالصبر كمصدر أساسي للطاقة النفسية من الأمور، التي تقوي إيمان المؤمن ليتعلق قلبه بخالقه تعالى.

وكذلك هي الصلاة، فإنها مصدر حيوي للطاقة النفسية وكلما زاد إخلاص وخشوع المؤمن في صلاته زاد تأثيرها الإيجابي عليه. فالاستعانة التي ذكرها الله تعالى في كتابه تؤكد لنا عظمة هذه المصادر، التي تعين المؤمن على المواجهة. وأخيراً، فإن الإنسان المؤمن يتدبر الحكمة من خلق الله والسُنن الكونية، التي أوجدها الله تعالى لصالح الإنسان ليبحث في طيّاتها عن الدروس والعبر، التي تعينه على إخلاص العبادة لله تعالى.

FofKEDL@