د. منى البليهد

استدعتني كلمة «سارعي» في نشيدنا الوطني، والإنجازات النوعية المتسارعة الجبارة في العام 2018م، لقراءة مقال جيندريخ فليباك، وهو أستاذ في جامعة براغ، (الإنسان والزمن الآخر).

بداية النشيد (سارعي) كلمة تحمل معنى الزمن بأبعاد نوعية أساسية لنهضة الأمم: الإنجاز، الطموح، التغيير والتحول.

الزمن عند أرسطو هو المرتبط بالحركة، ومنذ ذاك الوقت ما قبل الميلاد كان يستعمل فكرة التزامن، بمعنى أن هناك زمانا واحدا لسائر حركات العالم.

وبعد هذا التصور الطاعن في القدم الزمني، تأتي فكرة العولمة، التي يوضحها بكل بساطة فليباك: «إن الذوات الاجتماعية الفاعلة في عالمنا اليوم، وهي ذوات على غاية من التنوع، من حيث درجة نموها وتطورها، تواجه في وقت واحد أعمالا متشابهة، بسبب تقلص فضاء المعمورة، أو ما يسمى بالعولمة».

ثم إنه بين بمثال ليثبت أيديولوجية تقول إن النمو المتسارع للبلدان المتقدمة أكثر هو الوسيلة الوحيدة لتوفير الخيرات الضرورية للتنمية في وقت لاحق.

مثاله هذا نتيجة بحوث مجراة على مدى عشر سنوات، تبين بوضوح أن الشرائح الاجتماعية الوسطى تؤجل إشباع حاجاتها إلى وقت لاحق، في حين تنزع الشرائح الدنيا إلى إشباعها في الوقت الحاضر، أما الأغنياء فيستحوذون توا على كل شيء ويستمتعون به.

ويذكر: «دور السلطة في معالجة تلك القضايا، من خلال العلاقات بين البلدان النامية والمتقدمة، فالأكثر تقدما لا ينفكون يتقدمون بسرعة أكبر في حين يزداد تخلف البقية.

وميلاد أيديولوجية تشير إلى أن النمو المتسارع للبلدان المتقدمة أكثر، هو الوسيلة الوحيدة لتوفير الخيرات الضرورية للتنمية في وقت لاحق. فيما يظن المتخلفون عن التنمية أنهم بحاجة لمزيد من الصبر والتأجيل ما دام تقدمهم مرهونا بالمتقدمين عنهم».

فالزمن ليس مجرد أرقام، إنه زمن نوعي مرهون بالأفراد ولقدرتهم على التصور والتوقع والتخطيط، إنه الزمن العالمي الذي يتيح متابعة ما يجري في العالم.

هنا يطرح فليباك أسئلة جوهرية لهذا الزمن:

ما الأشياء التي يمكن الإسراع بها وتلك التي يتعذر عليها ذلك؟.

ما الشروط السياسية والتربوية التي يجب توفيرها حتى نستعيض من مستوى الحياة المادية بنوعية الحياة السامية؟.

ثم يدون الخلاصة: «إن تحقيق المثل الأعلى يشترط تملك الزمن الاجتماعي على نحو يجيز تنمية كاملة للاستعدادات الأصيلة التي لدى الأفراد، كي تتكامل مع استعدادات الآخرين، من ذلك ما يجعلك متميزا لدى الآخرين هو أنك مثرٍ لوجودهم».

استهلال نشيدنا الوطني، اختصر خلاصته:

الزمن الاجتماعي.. للمثل الأعلى..

سارعي.. للمجد والعلياء.