د.ابراهيم العثيمين

دول الخليج: اقتصاديات الإرهاب.. ومكافحة تمويله

• في تقرير طويل نشره «معهد دول الخليج العربي في واشنطن» TheArab Gulf States Institute in Washington تحت عنوان: «Combating Terrorist Financing in the Gulf: Significant Progress but Risks Remain» (مكافحة تمويل الإرهاب في الخليج.. تقدم ملحوظ ومخاطر قائمة) للباحثة سيلينا رياليو Celina B. Realuyo الزميل غير المقيم بمؤسسة دول الخليج العربي في واشنطن، والمدير السابق لبرامج مكافحة تمويل الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، أثنى التقرير على الخطوات التي اتخذتها دول المجلس لوقف تدفق الأموال للجماعات الإرهابية خلال العقد الماضي. • دول المجلس استشعرت منذ فترة طويلة، أهمية تجفيف مصادر تمويل الإرهاب التي أصبحت تشكل مصدر تهديد عالمي يؤثر على ضمان سلامة النظام المالي. فخلال العقدين الماضيين عملت دول المجلس الكثير من الإجراءات سواء على المستوى الوطني او الاقليمي او العالمي للتصدي لظاهرة تمويل الإرهاب. فقد كانت دول الخليج من اولى الدول التي سعت الى تطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة عمليات غسل الأموال الصادرة من مجموعة العمل المالي (FATF) عام 1990م، والتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب. فدول الخليج تشارك في اجتماعات مجموعة الفاتف بصفتها اعضاء في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وتلتزم بتطبيق جميع المعايير الدولية في هذا المجال. وتعتبر مجموعة الفاتف، من اولى الهيئات الدولية التي تم إنشاؤها لمكافحة عمليات غسيل الاموال وتمويل الارهاب خلال العشرين سنة الماضية، حيث انشأت المجموعة بموجب قرار من قمة باريس لمجموعة الدول السبع الكبرى، التي عقدت في شهر يوليو 1989م.وقد وضعت الفاتف مجموعة من التوصيات (40 توصية) لمكافحة قضايا غسيل الاموال، وضمان سلامة النظام المالي، وقامت المجموعة بمراجعتها سنة 1996 و2003 و2012 لتواكب التطورات التي عرفتها التهديدات الناتجة عن غسل الأموال، حيث أصدرت المجموعة تسع توصيات خاصة بمكافحة تمويل الارهاب أضيفت إلى التوصيات الأربعين السابقة. كما أن المجموعة أضافت إلى مهامها في السنتين الأخيرتين موضوع مكافحة تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، وموضوع مكافحة الفساد. وتضم المجموعة 34 دولة والمفوضية الأوروبية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعددا من المراقبين من المنظمات المختصة، ودول الخليج تحرص على المشاركة في اجتماعات المجموعة المالية ممثلة في الامانة العامة لمجلس التعاون. • وتكمن المهمة الاساسية لمجموعة الفاتف في إجراء عملية تقييم مشترك لجميع الدول الأعضاء وغير الأعضاء بهدف التحقق من التزامها بالمعايير الدولية والتوصيات الصادرة عنها (التوصيات الأربعين الخاصة بمكافحة عمليات غسل الأموال، بالاضافة الى التوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب). وقد خضعت دول المجلس للمرة الأولى لعمليات التقييم المشترك خلال الفترة من 2001 - 2004م في الجولة الثانية لعمليات التقييم المشترك التي أجرتها المجموعة المالية. وقد اشادت المجموعة بجهود دول المجلس في مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب وتحقيقها لدرجات الالتزام بالإجراءات المطبقة في هذا المجال. وفي شهر يونيو 2015 اصدرت المجموعة خلال اجتماعها الذي عُقد في مدينة بريزبن في أستراليا، قرارا بالإجماع يقضي بالموافقة على منح السعودية مقعد مراقب في المجموعة تمهيدا لحصولها على العضوية الكاملة وفقا لسياسات وإجراءات العمل الداخلية للانضمام إلى المجموعة. وجاء هذا القرار عقب الاستماع إلى نتائج تقرير الزيارة الميدانية التي قام بها وفد رفيع المستوى من المجموعة للمملكة خلال الفترة من 1-4 يونيو 2015، حيث أشاد خلالها الفريق بدور المملكة البارز في مكافحة جرائم غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وانتشار التسلح من خلال برنامج متكامل يشارك فيه جميع السلطات المعنية في المملكة. • كما أن دول الخليج اعضاء مؤسسون لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، حيث قررت 14 دولة عربية في 30 نوفمبر 2004م بعد اجتماعها في البحرين انشاء هذه المجموعة من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعتبر إحدى ثماني لجان إقليمية على مستوى العالم تقوم بدور مشابه ومساند لمجموعة العمل المالي فيما يتعلق بالتزام دول المنطقة بتوصيات المجموعة المالية والمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومجموعة المينافاتف ذات طبيعة طوعية تعاونية مستقلة، وتستضيف مملكة البحرين مقر الأمانة العامة لهذه المجموعة، بينما تتمتع الأمانة العامة بصفة عضو مراقب في المجموعة. وفي الجولة الثالثة لعمليات التقييم المشترك تم تقييم دول المجلس كعملية مشتركة بين اللجنة المالية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أثنت المينافاتف على الدور الذي تقوم به دول المجلس في مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب وتوفيرها لدرجات التقيد بالتدابير المعمول بها في هذا الشأن. • من جانب آخر، فإن اربع دول من دول المجلس: (الإمارات، البحرين، السعودية، قطر) أعضاء في مجموعة إيجمونت لوحدات المعلومات والتحريات المالية (The Egmont Group of Financial Intelligence Units). مجموعة اجمونت تأسست عام 1995 وتضم في عضويتها وحدات الاستخبارات المالية ومكاتب مكافحة غسل الاموال وتتكون من 116 دولة حول العالم، دورها الاساس تعزيز تبادل المعلومات حول قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن المؤمل أن تنضم كل من عمان والكويت إلى المجموعة في المستقبل القريب، وتشارك الأمانة العامة في الاجتماع السنوي العام لمجموعة إيجمونت اعتبارا من الاجتماع العام السابع عشر الذي عقد في دولة قطر عام 2009 م. • اخيرا تعمل دول الخليج دون كلل او ملل لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وتجري استكمال جهودها من خلال آليات مجموعة الفاتف او المينافاتف او مجموعة الإيجمونت وغيرها. وهناك ضرورة إلى تكاتف دولي اذا اريد لهذه الآليات أن تواصل العمل بأكبر قدر من الفعالية على مستوى كافة الدول، لكن حكومات دول الخليج ملتزمة بهذه المجموعات، وتعمل بشكل مستمر من أجل تعزيز التعاون من خلالها على المستويين العالمي والاقليمي، بهدف حماية امنها واستقرارها ورفاهية شعوبها في المقدمة ثم حماية النظام المالي العالمي من خطر التنظيمات الارهابية.