«يرى المتفائلون الكثير من الفرص أمام المملكة المتحدة بعد توقيع الصفقة مع الاتحاد الأوروبي، حيث يمكنها توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع أطراف ثالثة»بالنسبة لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تمثل الصفقة التي أعلنتها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عشية أعياد الكريسماس نهاية طال انتظارها وبداية جديدة.
وهذا ما يفسر ارتفاع الجنيه الإسترليني بنسبة 1٪ تقريبا مقابل اليورو منذ تأكيد الحديث عن وجود صفقة يوم الأربعاء الماضي. بينما اختفى السيناريو الأسوأ الذي كان ينخفض فيه متوسط التوقعات الاقتصادية في بريطانيا.
ولكن هذا لا يعني أن التوقعات الاقتصادية أصبحت متفائلة للغاية. فحتى مع وجود اتفاقية تجارة خالية من الرسوم الجمركية، توقع مكتب مسؤولية الميزانية، وهو جهة تراقب الإنفاق الحكومي في المملكة المتحدة، أن يكون إنتاج بريطانيا أقل بنسبة 4٪ مما كان سيصبح عليه لو بقيت البلاد داخل الكتلة، ويرجع ذلك أساسا إلى «الحواجز غير الجمركية» مثل اللوائح المتباينة والفحوصات الجمركية، التي تقلل من مستوى التجارة. ولا يزال الجنيه الإسترليني يقترب من أدنى مستوياته التاريخية مقابل اليورو.
وبطبيعة الحال، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الإشارات التي تصدرها أسواق العملات ومخرجات نماذج التنبؤ الاقتصادي قد لا تكون دقيقة بنسبة 100%.
ويرى المتفائلون الكثير من الفرص أمام المملكة المتحدة الآن، حيث يمكنها توقيع اتفاقيات تجارية مع أطراف ثالثة. ويتفق المتفائلون مع المتشائمين في أن الطبيعة طويلة الأجل لعلاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر أكبر شريك تجاري لها لم تتحدد بالكامل بعد.
وأرسلت المملكة المتحدة 43٪ من صادراتها إلى دول الاتحاد العام الماضي، بينما جاءت 52٪ من واردات المملكة المتحدة من الكتلة الأوروبية.
واحتفظت بريطانيا بميزة الوصول المعفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، من خلال التعهد بعدم تقويض لوائحها.
وفي الوقت نفسه، تثمن حكومة المملكة المتحدة - التي يأتي أغلبها من حزب المحافظين ويرأسها بوريس جونسون - أهمية الحرية التي يمكن أن تكتسبها بالابتعاد عن تلك اللوائح.
وتمنع الاتفاقية الأخيرة - التي تعتمد على طرق تحكيم مستقلة جديدة - سنوات من التوترات والمزيد من المفاوضات وعدم اليقين بشأن السياسة.
وكانت العقبة الأخيرة في المحادثات هي الصراع على حقوق صيد دول الاتحاد الأوروبي في مياه المملكة المتحدة، على الرغم من أن قطاع الصيد لا يمثل أهمية اقتصادية كبيرة لدى كلا الجانبين. وهذا يؤكد الطبيعة الأساسية لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي - والتي ترتكز على السياسة أكثر من الاقتصاد -.
فمن جانب المملكة المتحدة، كانت الرغبة في تأكيد السيادة دائما أهم من مصلحة الاقتصاد في المفاوضات - وهو منطق غريب في أمة كانت معروفة في السابق بتركيزها على الأهداف التجارية.
ويمكن أن تستمر مسألة الخلاف على السيادة في خلق عقبات أمام المستثمرين الذين كانو يتوقعون أن المصالح الاقتصادية هي التي ستقود عملية صنع القرار أثناء الانفصال شبه الكامل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ختاما، يمكن القول إنه بعد 4 سنوات ونصف من الاضطرابات السياسية، تجلب صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مزيدا من الوضوح الاقتصادي، لكنها لا تحقق الحسم الكامل.