* «لا أعتقد أن تأثير الإنتاج الأقل في تكساس سيؤثر بقوة على الأسعار العالمية».. الخبير الاقتصادي دين فورمان- معهد البترول الأمريكي.إذا كنت تعتقد أن أسعار الفائدة السلبية في البنوك التي ظهرت كانت غريبة، فماذا عن سعر سالب 37 دولارًا لبرميل النفط؟.. فقد كان هذا هو السعر الذي استمر لبعض الوقت يوم الإثنين الماضي على العقد الآجل لبرميل خام غرب تكساس الوسيط، الذي يتم تسليمه في مايو. ولشرح الأمر بطريقة أخرى، يمكنك القول إنه بموجب هذا السعر قد يكلفك ملء حوض الاستحمام خاصتكِ بالنفط أكثر من ملئه بالماء. وبهذا الانهيار يبرز بشكل جلي الاضطراب المستمر في أسواق النفط من انهيار الطلب وسط تأثيرات انتشار جائحة كورونا والركود العالمي، فالسعر الحقيقي للنفط لا يقل عن 0 دولار. والسلوك الغريب في أسواق العقود الآجلة الآن هو نتاج مزيج من انهيار الطلب على النفط حاليا، وتوقعات لارتفاع أسعار النفط في وقت لاحق من العام، عندما يبدأ الاقتصاد في التعافي. ويقوم تجار النفط بتخزين النفط الخام على أمل أن يتمكنوا من الحصول على سعر أعلى في وقت لاحق، ولكن سعة التخزين تنفد، وحتى التجار الذين تعاقدوا على صفقات بالفعل يجدون صعوبة الآن في العثور على أماكن التخزين لتسلم شحناتهم، لذلك يجب عليهم البيع بأي سعر. وفي غضون ذلك، كان سعر النفط للعقود المستحقة في يونيو 21.40 دولار يوم الإثنين، وفي أغسطس كان 29.15 دولار. وقلة من المتداولين يستلمون هذه العقود بسبب الأزمة، وبالتالي فإن الضرر المادي سيكون خسائر لمن هم في الطرف السيئ من الصفقة. والخاسرون في هذه الصفقة من المفترض أن يشملوا أيضًا البنوك الكبرى، ممن سيضطرون إلى مراقبة خسائر التداول، بالإضافة إلى الخسائر التي ستظهر قريباً بسبب قروض العاملين في قطاع النفط. المشكلة الأكبر التي لن تنتهي عند انتهاء هذه العقود هي عدم التوافق بين العرض والطلب، حيث يقدر معهد البترول الأمريكي أن إنتاج النفط العالمي لا يزال يشكل حوالي 100 مليون برميل في اليوم، لكن الطلب انخفض إلى 70 مليون برميل. وخلال الفترة الماضية، كان هناك طلب كبير على أماكن التخزين في أعالي البحار بشكل خاص، وفي أي مكان يمكن للمشترين العثور عليه، وكان هذا يعوض الكثير من عدم التطابق بين العرض والطلب، ويعزز التوقعات الإيجابية المستقبلية للسوق. لكن معهد البترول الأمريكي يقدر أن سعة التخزين في الولايات المتحدة تبلغ حوالي 825 مليون برميل، وأن التخزين الفعلي لم يتجاوز في السابق 500 مليون برميل، والآن هناك أقل من 100 مليون برميل متبقية من سعة التخزين الإجمالية. وهذا سيعني ضغط هبوطي على الأسعار يستمر لأسابيع أو أكثر حتى تخف تأثيرات الوباء ويعود النمو الاقتصادي. ويجب أن تساعد صفقة الحد من إنتاج النفط التي تفاوض عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية ودول نفطية أخرى في تقليل العرض إلى حد ما، لكنها لا تبدأ حتى 1 مايو. وتعتمد الاتفاقية أيضًا على التعهدات الطوعية، وعلى أي حال لا يمكن لاتفاقية الإنتاج أن تعوض تماما مثل هذا الانهيار العالمي في الطلب. واجتمعت لجنة سكك حديد تكساس، التي تنظم الطاقة في الولايات، أمس الثلاثاء للنظر في حصص الإنتاج التي لم تتغير منذ السبعينيات، في الوقت الذي يتم المطالبة بعمل تغييرات على الحصص من قبل بعض كبار منتجي النفط الصخري مثل بايونيرPioneer وبارسلي Parsley. ولكن ليس من الواضح ما إذا كان الإنتاج الأقل في تكساس سيؤثر على الأسعار العالمية في الوقت الحالي أو لا، ولا يعتقد الاقتصادي دين فورمان Dean Foreman من معهد البترول الأمريكي أن ذلك قد يؤثر كثيرًا. ومن المفترض أن تنطبق قواعد توزيع الحصص على الجميع، مما يعني أن المنتجين الكبار والآبار الهامشية سيواجهون نفس الحدود ونفس المشكلة. وقد يكون من الضروري أن تستمر الحصص كما هي دون تغيير لفترة أطول مما يعتقد المنتجون -ما لم يكن هناك ارتفاع في الأسعار قريبًا- وكل ذلك يشير إلى ألم كبير لمنتجي النفط الأمريكيين. على الجانب الآخر، يتجه عدد أجهزة الحفر في أماكن استخراج النفط إلى أدنى مستوى له منذ عام 2015 أو ما هو أسوأ. والعديد من المنتجين الرئيسيين يتحوطون من هبوط الأسعار، على الأقل لعدة شهور. لكن بعض عمال الحفر الأصغر والأقل تكاملا الذين اقترضوا بكثافة يتجهون إلى الإفلاس. وتتزايد الدعوات بالفعل لتقليص نسبة المستورد من النفط الأجنبي لمساعدة المنتجين الأمريكيين. لكن يتم استيراد النفط الأجنبي بالأساس لأن المصافي الأمريكية مجهزة للتعامل مع الخام الأجنبي أكثر من قدرتها على التعامل مع أخف صنف يتم إنتاجه في مصافي التكرير الأمريكية، وهذا يكلف بالطبع عشرات الملايين من الدولارات. وسترفع التعريفات أيضًا أسعار تداول النفط في الولايات المتحدة أكثر من بقية العالم، مما سيضر بالصناعات الأمريكية التي تستهلك النفط بكثرة. ولكن وعلى الرغم من أن فقدان الوظائف سيكون مؤلمًا في قطاع النفط نفسه، فإن الصناعات الأمريكية التي تستخدم النفط قد توظف المزيد من الأمريكيين. كل هذا ليس سوى مثال واحد على الضرر الاقتصادي الهيكلي الذي يحدث في جميع أنحاء الولايات المتحدة مع استمرار الإغلاق بسبب أزمة الوباء. وتقوم الحكومة الأمريكية حاليًا بالدفع بالمساعدات النقدية في جميع أنحاء الاقتصاد، والتي ستبقي بعض الشركات على قيد الحياة. وقد تكون بعض شركات النفط قادرة على الاستفادة من قروض برنامج حماية الرواتب أو تسهيل إقراض الشركات الرئيسية في وول ستريت، عبر الاعتماد على قروض الاحتياطي الفيدرالي، ولكن هذا سيتم فعلًا ما لم تكن شروط الإقراض النهائية للاحتياطي الفيدرالي مرهقة للغاية. ولكن كلما استمر هذا الاضطراب، ضاع المزيد من رأس المال المادي والبشري والذي قد تستمر تأثيراته لسنوات. ختامًا.. يمكن القول إن الطلب على النفط سيعود عندما يعود النمو العالمي، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل. |