د. عبدالله القرني

@abolubna95

- يتزايد الاهتمام الدولي بصناعة تحلية المياه يوماً بعد يوم وذلك في ظل الاحصائيات التي تشير إلى توقعات بطفرة كبيرة في عدد سكان العالم قد تصل إلى قرابة 10 مليار نسمة في غضون العشرين عاماً القادمة، وتشير الدراسات إلى أن معدل استهلاك الفرد من المياه العذبة للاستخدامات اليومية يتراوح ما بين 30 إلى 36 ألف لتر سنوياً، وقد تختلف هذه النسب من دولة إلى أخرى.

- كما أن التطور الصناعي والزراعي الكبير الذي يشهده العالم يعتبر من العوامل الدافعة نحو ذلك الاهتمام، وتعتبر الهند من أكثر الدول استهلاكاً للمياه في العالم يذهب جُل ذلك الاستهلاك إلى القطاع الزراعي يليه القطاع الصناعي بالإضافة إلى الاستهلاك اليومي للأفراد. وتشير بعض المراكز البحثية الهندية إلى أن العجز الذي تشهده الهند في المياه العذبة قد يؤدي إلى وفاة قرابة 200 ألف شخص سنوياً.

- وعلى الجانب الآخر فإن المناطق الصحراوية والجافة والتي تمثل أكثر من 33% من مساحة الكرة الأرضية تعتبر ايضاً من محفزات الاهتمام الدولي بصناعة تحلية المياه حيث أن هذه المناطق تعاني من قلة في كميات المياه العذبة المتوفرة مقابل تزايد في كميات الطلب، بالإضافة إلى أن نسبة هذه المناطق مؤهلة للزيادة بسبب ظاهر التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية والتي سببت قلة في الامطار وزيادة في نسب التصحر مما أدى إلى تناقص ملحوظ في مصادر المياه الجوفية والعذابة.

- كل هذه العوامل الآنفة الذكر والتوقعات التي تشير إلى الزيادة على الطلب العالمي للمياه العذبة تتطلب التوسع في صناعة تحلية المياه المالحة بهدف توفير مصادر مستدامة للمياه العذبة تمكَن الدول من توفير احتياجاتها التي تساهم في توفير الامن المائي لها خاصة تلك الدول التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية للمياه أو التي تقع في المناطق الجغرافية ذات نسب صحاري كبيرة، بالإضافة إلى أن الاعتماد على تحلية المياه المالحة يؤدي إلى حماية البيئة والمحافظة على المصادر الطبيعية للمياه ويعزز من التوازن البيئي المطلوب.

- وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عالمياً في صناعة تحلية المياه المالحة بإنتاج يتجاوز المليار وستة ملايين متر مكعب سنوياً من محطات التحلية المنتشرة على سواحلها الغربية والشرقية، وقد بدأ هذا الاهتمام منذ ما يقارب 100 عام وذلك عندما أنشئ أول جهاز تكثيف لتقطير مياه البحر في جدة المعروف باسم الكنداسة، ثم تزايد هذا الاهتمام عاماً بعد عام وصولاً لهذا العهد الزاهر الذي وضع المملكة في هذه المكانة المتقدمة عالمياً، وتُعد الاستراتيجية الوطنية للمياه المنبثقة من رؤية المملكة 2030 أحد صور ذلك الاهتمام، حيث تمثل هذه الاستراتيجية خطة وطنية متكاملة للمياه تهدف إلى تعزيز أمن امدادات المياه وتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية مع الاهتمام بالجودة وإدارة التكاليف وتتضمن عدداً البرامج والمبادرات ذات العلاقة.

- ختاماً..... فقد تجاوز اهتمام المملكة العربية السعودية بالمياه النطاق المحلي والإقليمي، وكجزء من الدور القيادي للمملكة على المستوى الدولي فقد أعلن سمو ولي العهد مؤخراً عن تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرها الرياض تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات بالإضافة إلى تبادل وتعزيز التجارب والخبرات والأبحاث ذات العلاقة بمعالجة تحديات بالمياه بهدف ضمان استدامة موارد المياه عالمياً وتعزيز فرص الجميع للوصول اليها.