لمى الغلاييني

هناك الكثير ممن هم غافلون في سبات عميق، ولا يعرفون عن ثروات المنجم الموجود بداخلهم، ومن حقك أن تكتشف العالم الثري من الأفكار والقوة والمشاعر والنور والحب والجمال القابع بداخلك، وعلى الرغم من أن هذا العالم خفي، فإن قواه جبارة جدا، ففي داخل عقلك الباطن ستجد الحل لكل مشكلة، ويمكنك أن تضفي على حياتك المزيد من الصحة والبهجة والإنتاجية عن طريق تعلم كيفية استثمار قوة عقلك الباطن، ولست بحاجة لاكتساب هذه القوة؛ لأنك تمتلكها بالفعل، ولكنك تحتاج لتعلم كيفية التواصل معها واستخدامها لصالحك، فهي تتحكم في 95%؜ من سلوكنا ونشاطنا المعرفي لتنظيم الجينات من خلال برامج تنبثق في الأساس من نظام المعتقدات، فعندما تتحكم في معتقدات عقلك الباطن، ستستعيد الكثير من سيطرتك الخلاقة على حياتك، ومن أفضل الطرق لشرح ذلك هو أن تنظر إلى هذا العقل كأنه حديقة، وأنت البستاني الذي يغرس بذور الأفكار في تربة عقلك الباطن طوال اليوم، وبناءً على طريقة تفكيرك المعتادة، وما تغرسه فيها معظم الوقت، ستحصد ثمار ذلك في جسدك وبيئتك، فعندما تكون تلك الأفكار بناءة ومتناغمة وخالية من التناقضات، ستجلب لك ظروفا حياتية متناغمة وبيئة محيطة جيدة، وبفهم التفاعل الذي يتم بين عقلك الواعي، وعقلك الباطن ستتمكن من تغيير مجرى حياتك كاملا، ومن أجل أن تغير الظروف الخارجية عليك تغيير السبب وراءها، لكن معظمنا يعاند ذلك بالتشكي وإلقاء اللوم على ما حولنا، فإزالة الاضطراب والقصور في حياتنا تكون باقتلاع الجذر الأصلي لها، وهي بذور أفكارنا والطريقة، التي نرسم بها تصوراتنا عن الأمور في عقلنا الباطن، وتنظيم الحوار بين العقلين الواعي والباطن، فالعقل الواعي كالربان الذي يقود السفينة، وهو يوجهها ويرسل الأوامر إلى بقية الطاقم في غرفة القيادة، الذين يتحكمون بدورهم في غرفة المحركات والأدوات، لكنهم لا يعلمون الاتجاه المطلوب، وينفذون الأوامر المرسلة فقط، ولهذا فقد تصطدم السفينة بالصخور إذا قام الربان بإعطاء تعليمات خاطئة، ففريق العمل ينفذ أوامر الربان ولا يناقشها بتاتا، وبالمثل فعقلك الواعي هو القبطان وسيد سفينتك وبيئتك وكل علاقاتك، وهو ينفذ الأوامر التي تأمره بها بناءً على ما صدقه عقلك الواعي، وما يعتبره مسلمات، فطاقم العمل أو العقل الباطن هو المسؤول عن السفينة تحت سطح الماء، فهو لا يعرف الوجهة، بل ينفذ الأوامر المرسلة، وهو لا يهتم بوجهة السفينة أو يراقب سيرها أو مدى احتمالية اصطدامها بجبل جليدي أو سفينة أخرى، فالطاقم أو العقل الباطن لا يصدر الأحكام مطلقا، ولا يشكك في القبطان أو الأوامر، التي يرسلها له العقل الواعي، ولا يقوم بعمل اقتراحات بديلة، فهو أشبه بماكينة تنفيذ ينحصر كل هدفها في خدمة العقل الواعي وتنفيذ تعليماته، فإمكانات العقل الباطن فعالة جدا، وبإمكاننا أن نوجهها لخدمتنا باستمرار لنقترب من الحياة، التي نرغب بها فعلا.

LamaAlghalayini@