د. نورة عبدالله الهديب

علمياً، تتكون الأنسجة من خلايا مجتمعة ومُتَراصَّة لتَتحد وتبني الأعضاء ثم الأجهزة. وسلامة أي عضو أو أي جهاز مِن سلامة الخلية التي تعمل مكوناتها بشكل مُتقن ودقيق لاستمرارية النمو والتكاثر من أجل تحقيق رغبة البقاء. في المُقابل، لو تخيلنا أن المجتمع هو العضو الذي تتكون من خلاله الأجهزة فإن الأُسرة ستكون الخلية المُغذِّية والفَعَّالة لضمان سلامة النسيج المُكَون للعضو وبالتالي الأجهزة بشكل عام.

ونحن في وطن ينعم بالأمن والأمان وفيه من القادة والعلماء الذين اجتهدوا في تكريس علومهم وقيادتهم لبناء منظومة مجتمعية متعلمة وتستند على قواعد علمية ومعرفية لتعين نفسها وولاة أمرها ووطنها. فإن معادلة صلاح النفس وفسادها تبدأ من الذات والإنسان السَوي هو الذي يجتهد ليكون في المسار الصحيح دائماً. كذلك هي منظومة الأُسرة بمكوناتها الفردية (أب، أُم، ابن، ابنة) فيها من العمليات المتوازنة والتي بدورها تُقَوِّم الأسرة على المسار الصحيح. على سبيل المثال، التوازن في عملية الأخذ والعطاء والهدم والبناء والصنع والإنتاج وغيرها.

ومن هذا المُنطلق، فإن الثغرات بأنواعها التي تتواجد في أي مجتمع فإنه وعادةً ما يكون سببها خللا في منظومة الأُسرة الصغيرة. فالأُم هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها منظومة الأُسرة التي تستند على قاعدة الأَب الذي بدوره يقوم بتثبيت المنظومة بشكل صحي وسليم.

ولأني أهتم بالطفل أولاً والأسرة والمجتمع، فإنه من الضروري أن أشير إلى ضرورة الاعتناء بمتطلبات الطفل والأسرة وكيفية البحث بالدراسات التي تهتم بكشف الاحتياجات والنواقص لمنظومة الأسرة. فالاحتياجات التربوية والصحية والتعليمية والفكرية والعاطفية في هذا الزمن تختلف عن الماضي والمستقبل خاصة ورؤية بلادنا توضح بعض المَعَالِم التي يتطلع لها القائد والمواطن والوطن.

فالجهود التي قدمتها بعض الجمعيات التطوعية والمبادرات المتنوعة بالتعاون مع المؤسسات المختلفة في سبيل خدمة الأُسرة، كانت نتائجها مُبهرة. حيث إنها كشفت لنا بعض الثغرات الأُسرية التي تسببت في إحداث بعض المشاكل التي زعزعت نسبة الأمان في العلاقات الأُسرية التي أثرت بشكل سلبي على لحمة المجتمع. ولا بأس بالتجديد البحثي والمتسلسل مع النتائج السابقة للوصول إلى نتائج جديدة.

وأخيراً، وباعادة النظر إلى هذه النتائج فإننا نستطيع أن نكثف جهودنا البحثية والتوعوية من جديد لتكون الأهداف متناسبة بشكل أكثر مع متطلبات رؤية الوطن. فالأسرة خلية حية تحتاج إلى الأدوات الصحية والمحيط السليم لتتم دورها بشكل فعَّال وأكثر مرونة مع المتغيرات الزمنية والمكانية بأنواعها. والحمد لله على نعمة الأمن والأمان والقيادة الرشيدة واللحمة الوطنية التي يغبطنا الطيبون عليها ويحسدنا الحاقدون.

FofKEDL@