أحمد عوض



إعلامياً نحنُ ندور في حلقة مُفرغة، انتهى زمن احتكار الصحويين للمنابر الإعلامية، وتهميشهم لكل من هو خارج دائرة الولاء لهم لِنُبتلى بِشللية إعلامية جديدة!!

مُذيع يدّعي أنه تنويري وصاحب فكر ليبرالي يُسخر برنامجه لمُهاجمة كل رأي ينتقد عمل فنّي قدّمه صديقه !!

لا يمكن أن نخرج من أدلجة دينية لنواجه أدلجة فاشية تدّعي ليبراليتها، إن للناس صوتاً يجب أن يكون مسموعاً، ويجب أن يتم تقبله خاصة إذا كان رأيا مُعتبرا، أما رفض النقد وتحويل ساعات البث على الهواء مُباشرة للدفاع عن شخص لم يُقدم ما يشفع له فهذه كارثة، حبك لإنسان وعلاقاتك الشخصية معه يجب أن لا تكون على حساب المواطن ومن جيبه الخاص، فأنت كمُذيع تعمل وفق منظومة ريعية مهما كانت ظاهرياً مُستقلة، وهذه الأموال يجب أن لا تُهدر على أشخاص حولوا برامجهم التلفزيونية لمزرعة خاصة..

حقيقةً نحنُ أمام تيار جديد يتشكل، هو مزيج بين مغردين وصحفيين وإعلاميين، ظاهر فكرهم ليبرالي لكنهم يمارسون فاشية تجاه الجميع حتى يُصبح المشهد خاليا من جميع من يعتقدون أنه قد يُنافسهم..

هذا التيار استغل وجود بعض أفراده في أماكن لديها مساحة لمُخاطبة الجمهور، وفي إدارة بعض البرامج التلفزيونية وبدأ يُمارس حربه تجاه الآخرين..

فنان سعودي قدّم عملا فاشلا جداً، انتقادك له سيجعلك في مرمى نيران هذا التيار !!

لا يهم في نظري من استغل «تويتر» ليهاجم من انتقدوا هذا الفنان، تويتر مساحة شخصية لا شأن للآخرين بها، ما يهم وهو الأخطر هو أن يستخدم المُذيع منبر برنامج موجه للجمهور لينتقم ويُدافع عن صديقه الفنان ويهمّش كل صوت ينتقد، أن يجعل كل من ينتقد عدوا، أن يُعدد علينا كشعب فضائل هذا الفنان، أن يجعلنا شعباً كان يعيش في الظُلمات وقبس النور الوحيد الذي كان يُنير لنا تلك العتمة هو هذا الفنان!!

من المعيب أن تكون برامجنا التلفزيونية قائمة على هذه الشخصانية الساذجة!!

الفنان الذي يدّعي أنه أفنى عمره من أجل الفن ورسالته كان يتقاضى ملايين الريالات عن كل مسلسل، لم يكن جندياً في ساحة حرب بمواجهة مُباشرة مع مُتطرف !!

من تقاضى الملايين من أجل مُسلسل يجب أن لا تتم مساواته بمن حمل روحه على كفّه دفاعاً عن وطن..

هذا استهتار حقيقي بصناعة أبطال وهميين، هذا تسخيف لكلمة بطل !

حبك لإنسان يجب أن لا يدعوك للاندفاع نحو مهاجمة كل صوت ينتقد، يجب أن تتأدب مع نفسك أولاً وتنسجم مع الفكر الذي تدعو له وتعتقد أنك تمثله، فأساسيات الليبرالية تدعو لاحترام الآخر وتقبله بأدب..

أخيراً..

غربلة الإعلام أصبحت حاجة مُلحة، وتحديداً كل إعلام يتكلّم باسمنا كسعوديين، برامج تلفزيونية سياسية وفنية واجتماعية ضيوفها عبارة عن أصدقاء وكأنهم في عالم موازٍ لا يوجد فيه سواهم، يستحيل أن يدفعوا بوجوه جديدة تُعزز من تواجدنا إعلامياً حتى لا يفقد أصدقاؤهم مكانهم الذي يتعاملون معه كملكية خاصة..

@aahkfd1