عبدالله الغنام

فتيل حمى الشراء

الكماليات حسب التعريف اللغوي هي الأثاث والمتاع الذي يزيد عن حاجة الإنسان وضرورياته. وأما الضروريات فهي كل ما يحتاجه الإنسان من مسكن ومأكل وملبس وعلاج وما كان في حكمهم.ولكن هناك أشياء كانت في الماضي من الكماليات هي اليوم أصبحت ضرورة في المجتمع المدني. ومثال ذلك الجوال الذي كنا نعتبره قبل فترة من الكماليات لكنه اليوم هو ضرورة. والسبب وراء ذلك أن الحياة المدنية جعلت معظم الخدمات والمعاملات متوفرة إلكترونيا. ولكن في المقابل ممكن أن تتحول الضرورة إلى كماليات، وذلك حين نتنافس على آخر موضة في الجوال أو حين نمتلك جوالين أو أكثر لغير حاجة ملحة، ويدخل ضمن ذلك الهوس في تغييره كلما نزل موديل جديد!. وانظر حولك وقس على ذلك الكم الهائل من الكماليات الموجودة في بيتك أو مكتبك أو حتى سيارتك!، وهناك تكمن الفرص الكبيرة لخفض النفقات.وسبب طرحي لهذه القضية الآن لأننا نرى الإنفاق الشديد في شهر رمضان على السلع الاستهلاكية والأثاث والأمتعة، والمأكولات والمشروبات بشكل كبير. ومن يتأمل حجم الزحام في الأسواق يعتقد أن رمضان هو شهر للبيع والشراء. أضف إلى ذلك أننا نعيش فترة العطلة الصيفية ويتخللها أيضا أيام الأعياد، كل ذلك يدفع بمعظم الناس للإنفاق دون تخطيط أو تروٍ.وبما أننا نتحدث عن الإنفاق على الكماليات، فإن عدة صحف ذكرت نقلا عن شركة "بين أند كوباني" أن الإنفاق العالمي في عام 2014 على سلع الكماليات بلغ 248 مليار دولار (930 مليار ريال!!).وهناك مثال بسيط يدل على الهدر في الكماليات وما كان في منزلتها، فقد أحصيت في أحد المواقع التجارية أكثر من عشرين محلا متخصصا فقط في بيع الشوكولاتة. وإحدى التقارير الصحفية تحدثت عن أن السعودية تحتل المركز الأول بين الدول العربية والإسلامية في الإنفاق على الشوكولاتة، وبنسبة 40% من حجم السوق!!.إن مشكلة الإنفاق بنهم على الكماليات تكمن في عدة أسباب: منها عدم التوقف والتفكير حين يشتعل لدينا فتيل حمى الشراء، بأن نسأل أنفسنا هل ما سنشتريه ضروري جدا الآن؟!، وهل هناك بديل آخر أقل تكلفة، ويقوم بنفس الدور!.ومن الأسباب الانسياق المحموم وراء الموضات والتقليعات الجديدة بدون تفكير منطقي، حيث يكون السبب في الغالب: مثلما اشتروا نشتري!!ومنها عدم التزام الأسر بالميزانية الأسبوعية أو الشهرية!. وللأسف ما زال البعض على مبدأ (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) وهذه الاتكالية هي القاصمة الأقوى في الميزانيات المالية، بل الصحيح هو اعقلها وتوكل بمعني خطط ثم أنفق.وبالإضافة إلى ذلك غياب فكرة الأهداف المالية المكتوبة طويلة المدى (الخمس والعشر السنوات القادمة)، يجعلنا نستخرج قروضا شخصية من أجل أشياء استهلاكية كالسفر، سيارة آخر موديل .... وغيرها.ومن الأسباب الزخم الإعلامي المتواصل للكماليات في كل مكان من حولنا، فحيثما تذهب تجد إعلانا للتخفيضات، والتي تحث عقولنا الباطنية على الإنفاق والاستهلاك. ونرى تأثير ذلك واضحا حين نشتري أشياء لم نكن نريدها أصلا. ومثال آخر هو شراؤنا مواد غذائية لم تكن ضمن القائمة المطلوبة (وهذا أيضا يعد من الكماليات!)، ويكون مصيرها وللأسف القمامة أما لأنها أكثر من الحاجة أو لأن صلاحيتها انتهت قبل استخدامها!. وختاما، البعض يشتكي من ارتفاع الأسعار والغلاء، ولعل جانبا من ذلك صحيح، ولكن في المقابل هل نكتفي بالتشكي والعويل؟! أم نحاول أن نقضي قليلا من الوقت في التخطيط المالي للأسرة لعلنا ننقذ ما يكمن إنقاذه. إننا حين نتنازل عن جزء من الكماليات سيوفر لنا ذلك أجمل النهايات.