400 مليار دولار من المتوقع استثمار الصين لها في عشرات المشاريع الصناعية بإيران على مدى ربع قرنإن شعار إيران الثوري «لا الغرب ولا الشرق» يشير إلى عداء البلاد للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معًا. ولكن مع صعود الصين - وتركيز الحكام الإيرانيين على الاستمرار، رغم ضغط الولايات المتحدة - باتت الجمهورية الإسلامية تقف إلى جانب الصين.
ومقابل ما يُرجح أن يتم خصمه من النفط الإيراني، يمكن للصين أن تستثمر نحو 400 مليار دولار في عشرات المشاريع الصناعية على مدى ربع قرن. بالإضافة إلى بناء المطارات والسكك الحديدية، ويمكن أن تتلقى بكين معاملة تفضيلية في الموانئ الإيرانية، وفي تطوير مناطق التجارة الحرة في جميع أنحاء البلاد. وقد يعمل النظامان الإيراني والصيني معًا على تطوير الأسلحة مع تعميق العلاقات العسكرية الأوسع.
ولا تملك إيران الحظ الجيد للتفاوض مرة أخرى مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، الذي حوّل المزايا الأمريكية المهمة إلى صفقة نووية معيبة في عام 2015. وإدراكًا لميل الصين لاستغلال الدول الضعيفة، لا سيما من خلال مبادرة الحزام والطريق، واجه الاتفاق الذي لم يتم الإعلان عنه بعد انتقادات كبيرة في إيران من أصوات مؤيدة للغرب وكذلك من الرئيس السابق المتشدد محمود أحمدي نجاد.
ويقول المدافعون عن الاتفاق النووي لعام 2015 إن انسحاب الرئيس ترامب دفع إيران إلى أحضان الصين. ومع ذلك، تناقش بكين وطهران هذه الشراكة منذ عام 2016. وظلت إيران عدائية كما كانت دائمًا، حتى بعد أن بدأت الدول الغربية بالتدفق إلى البلاد بموجب الاتفاق النووي.
وتسعى الصين إلى تعميق العلاقات مع إيران لأن سلوك بكين العدواني يتسبب في عداوة لها مع الدول الأخرى. وبدأت المملكة المتحدة وأستراليا تتراجعان علانية عن صداقة بكين بالرغم من التهديدات الصينية. ويتطلع جيران الصين بشكل متزايد إلى الغرب في مواجهة البلطجة التي تمارسها بكين أحيانًا. بينما تتردد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في انتقاد أكبر شريك تجاري لبلدها، وتعيد دول أوروبية أخرى تقييم علاقتها ببكين.
ومع الإعلان عن المزيد من الصفقات الصينية مع إيران، يجب ألا تتردد الولايات المتحدة في استخدام نفوذها في النظام المالي العالمي لإحباطهما. وفرضت واشنطن عقوبات على شركة صينية العام الماضي لنقل النفط الإيراني، وتخلت شركة البترول الوطنية الصينية عن مشروع للغاز الطبيعي في إيران، حيث كانت تعاني من أجل العثور على قنوات مصرفية تقبل نقل الأموال.
والسؤال هو ما إذا كان هذا النهج سيستمر إذا تولى جو بايدن رئاسة أمريكا. ويقول المرشح الديمقراطي إنه سيكون أكثر صرامة على الصين من السيد ترامب، لكنه تعهّد بالعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 قبل التفاوض على صفقة جديدة.
إن إنهاء نظام عقوبات أقصى ضغط التي أقرها ترامب سيؤدي إلى خسارة المزايا التي تم الحصول عليها بشق الأنفس في إيران، ويمهّد الطريق لمزيد من الاستثمارات الصينية.
ويُظهر المحور الإيراني الصيني الجديد ـ على غرار التحالف المتنامي بين الصين وروسيا - مخاطر القوى الاستبدادية الطموحة، حيث يريد الانعزاليون الأمريكيون أن تتراجع الولايات المتحدة إلى نصف الكرة الغربي وتتنازل عن «مناطق النفوذ» للصين في آسيا وروسيا في أوروبا الشرقية وإيران في الشرق الأوسط. لكن هذه القوى نادرًا ما تكتفي بمجرد الحصول على الهيمنة الإقليمية. بل تتعاون هذه القوى في كراهية مشتركة للقيم الديمقراطية الغربية، وهذا أكبر تحذير من السيادة الإيرانية الصينية المشتركة.