23 مليار دولار: حجم التجارة الثنائية بين طهران وبكين في 2019، وفقًا للإدارة العامة للجمارك في الصينتسعى إيران والصين إلى تعزيز شراكة واسعة النطاق بينهما من شأنها أن تقلل الضغط الاقتصادي الأمريكي وتخفف من عزلة طهران العالمية.«تتمتع الصين وإيران بصداقة تقليدية، وكان الجانبان على اتصال بشأن تطوير العلاقات الثنائية»..
المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية
وحسب مسودة أولية للاتفاق بين إيران والصين، لم يوافق عليها البرلمان الإيراني بعد، سيتم تمهيد الطريق أمام الاستثمارات الصينية في مناطق التجارة الحرة الإيرانية والمشاريع المشتركة في دول أخرى، مثل سوريا والعراق. وسيتم توسيع التعاون بين البلدين في الدفاع ومكافحة الإرهاب. وتقول المسودة إنه بموجب شراكة مدتها 25 عامًا، ستستورد الصين مستويات «مستدامة» من النفط الإيراني، لكنها لم تقدم مزيدًا من التفاصيل.
ونفت الحكومة أن تكون مسودة الاتفاقية المكونة من 18 صفحة والتي يتم تداولها عبر الإنترنت حقيقية، ولكنها أعلنت قبل سنوات عن خطط لإبرام اتفاقية تتوافق والخطوط العريضة الموجودة في المسودة. وأكد مسئول إيراني أيضا وجود مسودة تدرسها الصين.
وحتى المحادثات الوليدة بين إيران والصين من أجل شراكة بهذا النطاق والمدة هي مؤشر على القلق المتزايد لدى كل منهما ناحية الولايات المتحدة. فكل من بكين وطهران علاقاته متوترة مع واشنطن. وانخرطت الصين مع الولايات المتحدة في حرب تجارية، بينما يعاني الاقتصاد الإيراني في ظل مجموعة من العقوبات الأمريكية.
ويقول المحللون إن الصفقة تهدف إلى إظهار أن كلا البلدين لديهما بدائل للغرب، حتى لو لم تؤت العديد من المشاريع المذكورة ثمارها.
وقالت دينا اسفندياري Dina Esfandiary، الزميلة في مؤسسة سينشري والمؤلفة المشاركة لكتاب عن علاقات إيران مع الصين وروسيا: «إنه تعبير عن نية البلدين»، وأضافت: «إنها رسالة علاقات عامة مفيدة للبلدين الآن».
وقاومت الصين حتى الآن محاولات الولايات المتحدة لخفض استهلاكها من إمدادات النفط الخام الإيراني إلى الصفر. ولا تزال المبيعات إلى الصين تمثل غالبية النفط الذي تصدره إيران.
وردا على سؤال حول اتفاقية التعاون التي استمرت 25 عامًا، لم يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان Zhao Lijian الأسبوع الماضي الاتفاق، لكنه قال: «تتمتع الصين وإيران بصداقة تقليدية، وكان الجانبان على اتصال بشأن تطوير العلاقات الثنائية. نحن على استعداد للعمل مع إيران لدفع التعاون العملي بشكل مطرد».
وبالنسبة لإيران، فإن تطوير علاقات أوثق مع الصين هو أيضًا وسيلة لإزعاج أوروبا. وعبرت طهران مرارًا عن نفاد صبرها مع الدول الأوروبية، بسبب نقص العوائد الاقتصادية التي وعدوا بها من الصفقة النووية الدولية، والتي قيدت برنامج التخصيب النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.
وخرجت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق في 2018 قبل فرض العقوبات وتهديد الدول الأخرى بعدم التعامل مع إيران. وسعت الأطراف الأوروبية في الصفقة إلى إقناع إيران بالامتثال لالتزاماتها في الاتفاقية من خلال إنشاء آلية تجارية خاصة، لكنها أجرت حتى الآن معاملات محدودة.
وقالت اسفندياري: «إن سياسة إيران المتمثلة في النظر إلى الشرق لم تختف». وأضافت: «ولكن ربما لم يكن الإيرانيون سيتابعونها كثيرًا لو كانت الشركات الأوروبية تتدفق على البلاد».
وكان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من بين أول من ناقش الجدل الحالي الخاص بجمهور الشراكة الموسع عندما اتهم الحكومة، في أواخر يونيو «بالتوقيع سرا على صفقة» مع الصين.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على الفور على طلب التعليق على مسودة الاتفاق.
وقال رئيس الفريق الرئاسي الإيراني، السبت الماضي، إن المفاوضات بشأن الاتفاق ستمتد حتى العام المقبل بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد الذي انتشر من الصين وضرب إيران بشدة، كما أكد نائب وزير الخارجية، رضا زبيب Reza Zabib، لصحيفة شرق الإيرانية اليومية وجود مسودة بالفعل، والتي كان من المتوقع أن ترد عليها الصين قبل إجراء المحادثات.
وتنص الاتفاقية أيضا على بناء الصين لخط سكة حديد في إيران، كما تمنح طهران لبكين وصولا تفضيليا إلى مرافق الموانئ في الخليج، من خلال تنفيذ مشاريع صناعية متبادلة في عدة موانئ على الساحل الجنوبي لإيران.
ولدى الصين بالفعل علاقة تجارية طويلة الأمد مع إيران تتجاوز مبيعات النفط. فالصين هي أكبر شريك تجاري لإيران، حتى مع انخفاض التجارة الثنائية بنحو الثلث في عام 2019، إلى حوالي 23 مليار دولار، وفقا للإدارة العامة للجمارك في الصين.
وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2016 بتعزيز التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 600 مليار دولار في غضون عقد، ولكن مستويات التجارة لا تزال أقل بكثير من هذا المستوى.
كما أدت العقوبات الأمريكية إلى تعقيد العلاقات بين البلدين. في مواجهة التوترات المتزايدة بين بكين وواشنطن، وانسحبت شركة البترول الوطنية الصينية العام الماضي من مشروع للغاز الطبيعي بقيمة 5 مليارات دولار في إيران، بسبب الصعوبات في العثور على قنوات مصرفية لتحويل الأموال إلى إيران.
وفرضت الولايات المتحدة في العام الماضي عقوبات على الشركة الصينية تشوهاى زينرونج Zhuhai Zhenrong، لنقل النفط الخام الإيراني. وتعهدت الولايات المتحدة بمعاقبة الدول الأخرى لاتخاذها خطوات مماثلة.
وأثار الاستثمار الصيني في إيران انتقادات بأن الحكومة الإيرانية تبيع أجزاء من البلاد لبكين. على الرغم من أن علاقة إيران مع الصين تعود إلى عقود مضت، إلا أنها أصبحت مثيرة للجدل بشكل متزايد، وكانت المشاعر المعادية للصين في تصاعد منذ بداية جائحة فيروس كورونا.
وشهدت إيران زيادة في حالات الإصابة بالفيروس التاجي بعد رفع البلاد لقيود الإغلاق. ووصل عدد الحالات يوم الأحد الماضي إلى 2186 إصابة جديدة و194 حالة وفاة، مما رفع إجمالي عدد إصابات كوفيد 19 إلى 257303 حالات، بما في ذلك 12829 حالة وفاة.
ويرجع المسؤولون الإيرانيون أصول تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد إلى عدد من مشاريع البنية التحتية المدعومة من الصين، التي بناها عشرات العمال والفنيين الصينيين، ورجال الأعمال الذين يسافرون بين البلدين.
وبعد أن وصف متحدث باسم وزارة الصحة الإيراني في وقت سابق من هذا العام لإحصاءات فيروس كورونا الصيني بأنها «مزحة»، سعى المسؤولون الإيرانيون إلى إصلاح العلاقات بشكر الصين على جهودها في مكافحة الفيروس في إيران.
ووفقًا لاسفنديار باتمانغليديج Esfandyar Batmanghelidj، مؤسس صحيفة بورصة آند بازار، وهي ملحق اقتصادي يركز على أخبار الاقتصاد الإيراني، أعلنت الصين وإيران لأول مرة عن نية تشكيل الشراكة لمدة 25 عامًا في 2016، لكن التأكيد المتجدد على المفاوضات يظهر الآن مدى حرص طهران على الاستفادة من التوترات المتزايدة بين بكين والولايات المتحدة.
وقال باتمانغيلدج: «تتمتع إيران ببعض النفوذ هنا». وأضاف: «إيران تستغل زيادة التوترات بين الصين والولايات المتحدة للضغط على بكين للموافقة أخيرا على إطار طويل الأجل للعلاقات الثنائية بين البلدين».