د. لمياء البراهيم@DrLalibrahim

تشهد المملكة تحوُّلًا كبيرًا في نطاق الخدمات التي تقدّمها للمواطنين والمقيمين، بما يركّز على أهمية تحسين الخدمات بما يرضيهم، وبالنظر لتحسين ذلك وفق أطر الجودة التي تشمل الفعالية والكفاءة، والتي تشمل كفاءة الإنفاق.

لما درست الجودة، كان التركيز على أن الهدف الأساسي منها هو تحقيق رضا المستفيد، والمستفيد هو العميل الخارجي بدون الإغفال عن العميل الداخلي مقدّم الخدمة.

وفي الجودة بالقطاع الصحي أو القطاع التعليمي أو في الإسكان والخدمات الاجتماعية وغيرها، فإن التركيز على رضا العميل كهدف نهائي له أبعاد سلبية بخلاف التركيز على ذلك في القطاعات الربحية.

لنطرح مثالًا على المقاهي والمطاعم والمنتجات بشكل عام من الإبرة للطائرة والدراما والسينما، فإن رضا المستخدم هو أساسي؛ لأنه من سيدفع قيمة السلعة أو الخدمة والمنتج، وبالتالي تركز الجودة هنا أو البائع على ما يرضي الزبون ويعيده لاستخدام الخدمة.

بالمقارنة ففي القطاع الخدمي فإن الحكومة مَن تدفع ثمن ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشر، وأن التركيز على رضا العميل كمستفيد نتاجه الإضرار بالمستفيد الداخلي، ومعايير الجودة الأخرى من حيث الموثوقية والفعالية والكفاءة وغير ذلك.

فالطالب بمرحلته الدراسية، الجودة لديه ورضاه يتمثلان في سهولة الأسئلة والغياب أو انتهاء المدرسة مبكرًا، والمريض يهمه أن يحصل على أسرع خدمة، ولو على حساب الأولى بها، وأن يعمل فحوصات كثيرة وباهظة، وأن يحوّل لأفضل المستشفيات، وأن يقدّم موعد جراحته وأن يصرف له أفضل الأدوية حتى لو تكميلية.

وكذلك في الإسكان والخدمات المدنية والقروية والاجتماعية، فنحن نسمع الشكاوى ونرفع بها، ولكن قليلًا ما نقرأ عن ثناء لتجاوبهم في الخدمات.

وهنا أسألكم: كم شخصًا منكم يقيم الخدمات إذا كانت جيدة، مقارنة بالكم الذي يشتكي لو لم تكن الخدمة توافق هواه حتى لو كانت لأمور هي خارج نطاق الجهة أو مقدّم الخدمة وصلاحياته.

من هنا نستفيد بأن رضا المستفيد هو أداة تحسين في القطاعات الخدمية لمعرفة احتياجاتهم، وتحديد سبب التحديات التي تواجه تحقيق مبتغاهم، ورسم ذلك على مصفوفة الأولويات وتحليل المشاكل جذريًّا واستخدام أدوات الجودة في ذلك لتحسين الخدمة وفق المستطاع، وفي بيئة لا يكثر في اللوم فتتحوَّل شكاوى المستفيدين لمصدر رعب، ويحاول تقنينه بأن يكون رضا المستفيد ابتزازًا لمقدم الخدمة.

ففي الصحة.. النتيجة ستكون التحوّل إلى الطب الدفاعي الذي يتسبب في الإضرار بسلامة المرضى، وهدر الموارد البشرية والمادية والمالية والوقت كذلك حتى يتجنب مقدّم الخدمة كثرة الشكاوى.

وفي التعليم سيحرص المعلم والمدرسة على جذب الطلبة وأولياء أمورهم بالامتحانات البسيطة، والسخاء في الدرجات، والتساهل في الغياب.

القطاع الخدمي الحكومي واللا ربحي حتى مع الخصخصة من التحدي أن يكون تجاريَّا، فلذلك أدوات الجودة ومؤشراتها ومنها رضا المستفيد تكيف للتحسين وليس كهدف.