ماجد السحيمي

الأسبوع الماضي سعدتُ بزيارة للجبيل الصناعية بدعوة كريمة من الهيئة الملكية، مع مجموعة من زملائي الكُتَّاب بصحيفتي الغراء (اليوم) وفريق عملها المميز، ورغم أنني من سكان المنطقة الشرقية ومواليد مدينة الدمام التي تبعد 40 دقيقة فقط بالسيارة عن الجبيل التي زُرتها عشرات المرات إلا أنها المرة الأولى التي أرى بها الجبيل فعلًا، الفرق بين عشرات المرات تلك، وهذه المرة أنها كانت بأعين صُنَّاع الجبيل ذاتهم. بكرم الضيافة وحسن الاستقبال كانت الجبيل فاتنة جدًّا من خلال أبطال الهيئة، زُرنا المعرض التعريفي عن الجبيل الصناعية، والذي عرَّفني على معلومات كثيرة لم أعرفها إطلاقًا من قبل، كل ما نعرفه أو على الأقل أغلبنا، أنها منطقة صناعية تضم العديد من المصانع إلا أن ذلك جزء فقط، أما الجزء الآخر فله حكاية ساحرة، فالهيئة تتعامل مع الجبيل وكأنها منتج له مواصفات محددة، ولتستمتع به يجب أن تتوافر بك الشروط للحصول عليه.

وجودة الحياة وارتفاع مستواها لافت للنظر، إدارة الجبيل وتشغيلها أمر في غاية التعقيد، وعلى نفس الخط في غاية الدقة، النظافة، الشوارع، الغطاء النباتي، التشجير، حافلات الطلاب، الحدائق، الشواطئ، السوق المحلي، الأسواق المركزية، الأحياء السكنية، المجمعات التجارية، نقل البضائع والمواد الأساسية للمصانع، ونوعية التربة، ونِسَب التلوث، ومداخل المدينة ومخارجها، وحتى إشاراتها المرورية، ومسار سيارات الإسعاف، وغير ذلك الكثير، كله يُدار من خلال خطة بالغة التركيز، مَن يركِّز قليلًا في هذه المدينة الأنموذجية، والتي مضى على تأسيسها ما يقارب 47 عامًا فقط، لا يصدّق أنها تتطور في كل يوم، وأن تطورها اليومي هذا مُخطَّط له منذ سنوات، فمثلًا الأحياء التي ستقام بعد عشرين عامًا من الآن، معروف أسماء الشوارع بها، وعدد المساكن، وسعة المساجد، ومراكز الخدمة بها، من بقالات ومكتبات ومتاجر أخرى، وحتى عدد التقاطعات وإشارات المرور.

هذا المشروع الجبار العملاق الذي قام بعقول وسواعد سعودية ينافس مدن العالم الصناعية ترتيبًا ونظافة وانضباطًا في كل التفاصيل. بُنية تحتية متينة كانت بها تنبؤات للمستقبل، بُنِيت قبل أن يُخترع الإنترنت والألياف البصرية، وأبراج الجوال، ولما حضروا كانت تلك البنية جاهزة لكل هذه المشاريع دون شق وترقيع وهدم ونقض.

مشاريع تتسابق هنا وهناك من إطلالات على البحر وأبراج الفنادق والأعمال، ومتنزهات كمتنزه التلال الذي يبهرك بتصميمه الفني قبل تصميمه الجمالي، وراء كل ذلك فريق بشري مميز متناغم، ينتج كل هذه المتعة البصرية، صدقًا هذه الجبيل أول مرة أراها، وكأني في كل زياراتي السابقة لم أكن كذلك.

ألقاكم الأسبوع المقبل، وأودِّعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.

@Majid_alsuhaimi