رائدة السبع

لطالما كنت طالبة مجتهدة ليس لأنني أريد ذلك، بل لسببين: الأول أن والدتي -حفظها الله- كانت تقف لنا بالمرصاد أنا وإخوتي مع أنها لم تكمل تعليمها، ولم تنضم لأي مدرسة لأنه وببساطة كان التعليم آنذاك مرفوضا مجتمعيا حتى أصدر الملك سعود -رحمه الله- قراره التاريخي، والسبب الثاني أنني ومنذ الصغر كنت متقدة الذكاء لا أعلم هل هي جينات ورثتها من عائلة والدتي، أم عائلة والدي، ولا أريد أن أعرف درءا لأي أزمة كيميائية بين العائلتين.

كانت المواد العلمية لا تثير شهيتي المعرفية بعكس الأدب واللغة، وإن أردتم أن أكون أكثر صراحة سأعترف بأن مادة التعبير هي المادة الوحيدة، التي كانت تستهويني، وكان لدي اعتقاد فهمته فيما بعد أن الفضائل عادات يكتسبها المرء من بيئته، وتنغرس في أعماقه بشكل لا واعي وليست معارف يتلقاها، وهنا أستطيع أن أوافق الأستاذ سلامة موسى في قوله إن الفنون والإنسانيات مدخل جذاب لمحاكاة حضارة ما مقارنة بالعلوم والتقنية، حيث يذكر أن مراحل تطور الثقافة تبدأ من اللاوعي وتنتهي بالوعي «فهي سحر ثم أساطير دينية ثم أدب يحتوي على شتى الفنون ثم يأتي العلم في الأخير».

قد لا أكون على صواب في ديباجتي السابقة لكنها الحقيقة، التي طالما آمنت بها حتى لحظة تتويج أبنائنا في الولايات المتحدة، توقفت كثيرا عند تلك الفرحة، التي عبر بها أبناؤنا بطريقتهم الخاصة واحتفوا بجوائزهم، تسمرت كثيرا وجدا أمام صورة تلك الفتاة، التي ارتدت الوطن بأكمله في طريقها لاستلام الجائزة كانت صورة أقرب إلى مشهد سينمائي لفيلم عنوانه «رؤية وطن».

حصدوا اثنتي وعشرين جائزة، بينها ست عشر جائزة كبرى، وست جوائز خاصة من أصل خمس وثلاثين مشاركا، واحتلت المملكة المركز الثاني في دول العشرين بعد الولايات المتحدة، وتم استقبالهم استقبال الأبطال يتسابق الجميع في أخذ صور تذكارية معهم، والحصول على تواقيعهم رغبة في حفظها بالذاكرة وللأبد.

حفظ الله المملكة وأبناءها، الذين أيقظوا الهمة وبلغوا القمة.

@raedaahmedrr