غنية الغافري

ما زالت أصداء الإنجاز الكبير لطلاب الوطن وحصولهم على 22 جائزة في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة «آيسف 2022» على كل لسان فإنجاز كهذا الإنجاز يدعو للفخر والاعتزاز، وحقيقة وأنا أتابع مقابلات الطلاب وحديثهم المسترسل الواضح وكلماتهم العميقة في شرح الأفكار أحمد الله تعالى أن هذا الحدث انتشلنا من حالة الإحباط التي كادت تصيبنا وأن الشباب الصغار ما زالوا يملكون مع علمهم وتخصصهم رقيا في الأسلوب ولباقة في الحديث ومعرفة في الرسالة التي يحملونها في تمثيل أوطانهم كما يجب فليست رسالتهم مشاريع علمية فقط يعرضونها ويتحدثون عنها بل رسالتهم أعمق من ذلك هم سعوديون يقدمون صورة بلادهم لمن لا يعرفها، يقدمونها شكلا ومضمونا راقيا. فلله در علمائنا الصغار كم هم كبار وهم يحملون علم الوطن ويفخرون به وكم يغتبط بهم الوطن.

ويحلو لبعض الناس تسمية المتفوقين بـ «الدوافير» وهي كلمة قريبة إلى السبة ! غير اللطيفة ! بل تنطوي على شيء من الانتقاص و«العيارة» لا سيما وأن الدافور هو موقد للطبخ يعمل بالكاز فمن يشبه المتفوق بالدافور في زعمهم يعني أنه متوقد ومتوهج وصعب الاقتراب ! لكن لا أرى بينهما وجه شبه فالدافور و«الكولة» بلا إحساس ولا مشاعر ولا مسؤولية وقد يكون الدافور سببا في حريق كبير !!

كما أن لفظة «دافور» كلمة تبعث الحساسية وتدعو للخوف من «الحسد» فأينما حلت عقبها طلب المسارعة بذكر الله خشية وقوع العين !

وفي نظري أن كلمة دافور قد تناسب كل شخص يسعى لتحقيق أهدافه دون استناده لأي قيمة أو منهج أو أطر أو سمعة وطن أو أسرة فلا يرى إلا هدفه ويسعى لتحقيقه بأي طريقة كالشهرة والمال وكلما بانت ملامحهما فتحت الشهية للاستزادة واتسعت دائرة المتاح وإن كان غير مباح ! وقل تدخل الضمير! وانحسرت المسؤولية ! فهذا دافور حقيقي !

ومؤخرا انتشرت مقاطع بعض المشاهير المصطافين خارج المملكة و«بثارتهم» و«دفارتهم» في جمع المال وجمع المشاهدات بأي سبيل! تارة في اختلاق الأحداث التي يتأكدون معها أنها ستكون «أكشن» وأنها ستحصل على «الترند» المطلوب، فالأحداث التي يصنعونها ليست حقيقية في الغالب بل مفبركة أوحتها لهم «دفارتهم» اللامسؤولة وقد تكون «بالتفسخ» ! فبعض المشهورات يتفنن في اختيار الملابس التي لا تشبه الملابس ! بل هي خيوط وقطع لا تتجاوز ربع المتر أو أقل لا تلبس إلا في الغرف المغلقة لا أمام كاميرات الجوال بمرأى من آلاف المتابعين ! فحتى الصيف والحر لا يبرران هذا المنظر المنفر والمقزز، وتلك الحركات المائعة المتكلفة جدا جدا بحجة وضع «كاركتر» وتوقيع خاص مع ازدحام المشاهير والصراع من أجل البقاء.

المشكلة أن الكثير من الدول التي يصطافون بها دول مسلمة ! بمعنى لا شيء يدعو لذلك السلوك الغريب بل تلك الدول متعطشة لرؤية أبناء العرب والخليج والسعودية تحديدا بالشكل الذي توقعته أرواحهم قبل عقولهم، وقد حملت لنا بعض القصص تمسح تلك الشعوب بالزائر العربي وتعظيم قدره ! وطلب البركة لا سيما وأنه قادم من أرض مكة وبلسانه العربي نزل القرآن الكريم.

هؤلاء السوشليون يدفرون في التشويه ورسم صورة غير حقيقية عن أوطانهم ومواطنيهم يعيشون ازدواجية الشخصية فحين ينزل المطر يصورون تضرعهم ودعواتهم في لقطة تجعل المتابع يجن هل هم مهتدون أم منحلون أم ماذا بالضبط فحتى الوسطيين يعيشون في حيرة تصنيفهم ! أما المراهقون والمراهقات فكان الله في عونهم فهم بين أماني الشهرة والغنى والأحلام والتقليد وبين قيم وثوابت يشعرون بثقل تخطيها.. لأن الضريبة ستكون غالية.. والأوطان تستحق التضحيات تستحق أن نكون رسل سلام يساهمون في رفع بلدانهم ورفعتها.

خاتمة حب الأوطان (مصطفى صادق الرافعي):

بلادي هواها في لساني وفي دمي

يمجدها قلبي ويدعو لها فمي

ولا خير فيمن لا يحب بلاده

ولا في حليف الحب إن لم يتيم

وما يرفع الأوطان إلا رجالها

وهل يرتقي الناس إلا بسلم

@ghannia