ماجد عبدالله السحيمي

يملك الإنسان فطرة طبيعية تجعله دائما تواقا للحلم وتحقيق الأمنيات على الواقع، وهذا شيء جميل أن يحلم ويطمح وينتظر محطة تحقيق الأمنية ليشاهدها بأم عينه وجدتها أيضا. هذا الطموح وتحقيقه يحتاج خطة زمنية، ولست هنا أتحدث عن التخطيط الإستراتيجي ولا أبدا هذا العمق من التخطيط ولكن أقصد شيئا من التخطيط أو نوعا منه. التخطيط هذا يجب أن يحتوي على متى يتحقق هذا الطموح ومتى يجب أن تفرح بتحقيقه أو بمراحله حيث إن مشكلة الكثيرين هي انتظار تحقيقه بالكامل وتأجيل الفرحة به والسرور بإنجازه حتى يتضارب الحلم أو الطموح مع فرحته فيصبح كل منها في واد. أتذكر صديقا لي في المرحلة الابتدائية من جمهورية مصر الشقيقة كان دائما ما يضع حلما آخر العام، فمثلا يقول (نفسي في كمبيوتر) إذا نجحت هذه السنة بتقدير ممتاز سأشتري كمبيوتر، ثم يأتي نهاية العام وفعلا ينجح ويحصل على الامتياز ويشتري له والده الكمبيوتر، ثم بعد انتهاء الإجازة الصيفية وعودة الدراسة أسأله عن الكمبيوتر وهل استمتع به فيقول (اشتريته وسبته في مصر) أقول ولماذا تسيبه في مصر لماذا لم تستمتع وتستفد منه هنا مكان إقامتك فقال علشان نهاية السنة في الصيف استخدمه هناك، وفي كل عام هكذا يحلم حلما مثل ألعاب (أتاري) و(مونوبولي) و(نايتيندو) وغيرها من الألعاب في أيامنا وكلها أحلام تتحقق بعد صبر ومثابرة طوال العام ثم وقت التحقيق تتأجل المتعة وهكذا. كم منا من يؤجل متعة تحقيق أحلامه ولا يستمتع بوقته الحالي؟ كثيرون جدا ينتظرون الاستمتاع بالوجهة وينسون الأهم وهو الاستمتاع بالرحلة، فأن تسافر إلى مكان ما أمر جميل ولكن أن تستمتع بالرحلة في المطار ومرافقه والطائرة والنزول والتسوق في الأسواق الحرة وتجربة التنقل والفندق أيضا متعة، كثيرون يجعلون متعتهم في رف التأجيل، فلو سألته متى تفعل كذا؟ يقول إذا تخرجت بعد سنتين إن شاء الله، أما كذا إذا تزوجت بعد سنتين إن شاء الله أما كذا إذا توظف وكذا إذا وكذا إذا، إذا هذه أداة شرط تضع فاصلا كبيرا لمتعة سرقتها عن نفسك، اعلم تماما أنه لكل مقام مقال ولكل حادث حديث ولكل لحظة استمتاع بقدر معين وفرحة للوصول لجزء من المرحلة، لست أطالب بالمبالغة وكأنك حققت كل شيء ولكن أيضا لا تنس كل شيء وكأنك لم تحقق شيئا، لو كانت الفرحة والمتعة متعلقة بنتائج نهائية لربطنا فرحتنا بمنجزين أو ثلاثة في حياتنا بينما تفضل الله وتكرم علينا بكثير من الإنجازات التي تستحق الفرحة والاستمتاع بها بسيطة أم كبيرة. ابحث عن الرحلة في وسط الرحلة والمحطة في وسط المحطة، اجعل أحلامك أجزاء وافرح بكل جزء على حدة وافرح بكل ما تحققه وتحصل عليه افرح بعقد طموحاتك وبمحاولاتك وإن كانت بسيطة، فالفرحة الكبرى عبارة عن فرحات صغيرة مجتمعة. كما أذكرك لا تكن مثل صاحبي وتسيب كمبيوترك في مصر. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل بإذن الله أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.

@Majid_alsuhaimi