حنان محمد

... حان الوقت لنفض الأعماق ووضع الترتيب الداخلي من خلال التخلص من ثقل الماضي والسير نحو التجدد الروحي والاتصال باللحظة.

فلنترك الماضي يا صديقي في المكان الذي يعيش فيه، وننغمر في روح اللحظة، فهنا تكمن القوة الأصلية، وتنساب البراءة التلقائية، حان الوقت لنتحرر، ونهدم البنيان القديم (بالغفران) ونسمح لعملية الولادة أن تكتمل بخلقنا للمساحات الجديدة بالداخل، دعنا نضع أيدينا معا ونهدم القلاع الفكرية القديمة، القلاع التي خدمت رسالتها الخاصة ومنحتنا الخبرة الإنسانية التي كان من المقدر لنا تعلمها (وانتهت) انظر معي إلى الفصول الأربعة كيف تنهدم وتتجدد بشكل متواصل، هل تعتقد ذلك صدفة؟ لا يوجد صدف بالحياة، إنما كل شيء يسير وفقا لقوانين وأقدار مرتبة من عند الله وإن عارضتها سوف تجدها تحدث رغما عنك! فالماضي ليس ما حدث حقا إنما الفكرة التي أسقطناها على ما حدث والتي تتخللها تحليلاتنا الشخصية وآراؤنا الوقتية وتفاسيرنا المشخصنة في مستوى وعي مختلف عن المستوى الذي نحن عليه اليوم، حان الوقت إذن لنرمي تلك التفاسير وننطلق، ستسألني هنا: هل تطلبين مني النسيان أو التغافل أو الإنكار لكل ما حدث؟ لا إنما فلنتعلم بشكل أسرع من كل مجريات الأحداث، فلستنشق القوة والحكمة منه ثم نعانقه بوداع ليندثر في المكان الذي جاء منه. هل تعلم كم كمية الطاقة التي استنزفناها ودفعنا ثمنها من رصيد سعادتنا وسلامنا الداخلي في كل مرة حاولنا إعادة إحياء الماضي وعدم السماح له بالرحيل؟ إن تلك الطاقة هديتك الربانية منحت لك لأجلك أنت لأجل اكتشاف ذاتك وتشكيل رؤيتك الجديدة بالحياة، مسؤوليتنا تكمن في التوقف عن حملنا لمنظور الألم في كل لحظة من حياتنا حتى بعد انتهاء الحدث، هل نسامح إذن بكل هذه البساطة؟ إن كنت تحب نفسك فسامح لأجلها ثم اذهب للماضي فقط لشفاء المشاعر العالقة هناك للتنقيب عن الحكمة التي منها سيكتمل طور تطورك وولادتك الجديدة، لا تذهب له بهدف الملامة أو التكرار، وكيف لي أن أرى الخير بذلك الموقف الشنيع؟ سينفتح لك منظور الخير الدفين فقط حينما تخلق المساحة له للولادة وللمرور التلقائي من مرحلة الألم إلى الحكمة ثم الفهم. ماذا عما انكسر فينا؟ الشفاء ليس عملية إصلاح المكسور إنما العودة لذلك النقي الذي فينا الذي لم ولن ينكسر أبدا.