فهد سعدون الخالدي

التصريحات المسيئة التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني لم تكن هي فقط سبب الموقف السعودي والخليجي المعلن من الجهات التي تتحكم بمصير لبنان وتأسر قراره واستقلاله وتنأى به عن أشقائه نحو قوى لا تضمر للبنان وشعبه خيرا، بل هي مصدر المتاعب والاغتيالات وانعدام الأمن متسترة تحت شعارات مقاومة العدو الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل الأراضي اللبنانية في شبعا والجنوب اللبناني في الوقت الذي يوجه فيه أدعياء المقاومة أسلحتهم في كل اتجاه في سوريا والعراق واليمن وإلى صدور الشعب اللبناني إلا أنهم لا يوجهونها للعدو ليس في فلسطين التي يدعون المقاومة من أجلها، ولا في الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب، ولم يفكروا ساعة في الرد على الضربات التي يوجهها لمواقع عصاباتهم وغيرها من العصابات الطائفية من دول أخرى من المحور الطائفي الذي يوالي الولي الفقيه. وصحيح أيضا أن تصريحات قرداحي التي أتاحت له قناة mbc السعودية المجال للشهرة التي اكتسبها كانت مسيئة، وجاءت لتزيد الطين بلة، لكن الأهم من ذلك هو سيطرة عصابة مسلحة على البلد، ومصادرتها القرار، وإعلانها الصريح ولاءها لقوى خارجية طامعة في لبنان وفي دول المنطقة، وما اتخذته السعودية ودول الخليج ما هو إلا إعلان أن الصبر قد نفد بعد أن أصبح لبنان بلدا تختطفه عصابات خارجة عن الشرعية، وعاجزا عن الوفاء بالتزاماته نحو دول الجوار وخاصة في مكافحة المخدرات، وأصبح ممرا تستخدمه العصابات لتهريب هذه الآفة لدول الخليج، ولم تستطع الحكومة اللبنانية التي تتحكم بقراراتها الميليشيات أن تمنع ذلك، ولا أن تسلم المطلوبين من المهربين أو تعتقلهم لأنهم في حماية الميليشيات، كما أنها لم تستطع أن تحمي القضاء اللبناني وتوفر له الحرية للتحقيق في الجرائم التي ترتكب ضد مواطنيه وفي مقدمتها جريمة المرفأ لأن الميليشيات تمنع القضاة من التحقيق العادل خوفا من انكشاف دورها وجرائمها وفضح مخططاتها. ولقد جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لترد على الذين اعتبروا الموقف السعودي تخليا عن لبنان لتؤكد أن هذا الموقف ينبع من الاهتمام بلبنان الذي أصبحت أزمته خطرا عليه كما هي خطر على دول المنطقة جميعها وفي مقدمتها السعودية ودول الخليج فالأزمة كما وصفها الوزير ليست مع لبنان، بل هي أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء الولي الفقيه على البلاد، واختطاف قرارها المستقل، وأن السعودية هي دائما مع أي جهد يعيد للبنان استقلال قراره وسيادته وقوته فالإجراءات السعودية ليست ضد لبنان كما يحاول أن يصورها أنصار الأحزاب الطائفية، بل هي تعبير عن رفض السعودية والدول العربية أن يصبح الوضع الحالي في لبنان واقعا سياسيا وأمنيا وقبولا بسيطرة إيران على لبنان، وبخروجه من نطاقه العربي إلى المحور الإيراني، ومما يؤكد أن هذه القرارات هي محاولة لعودة لبنان إلى محيطه الصحيح، وهو ما ستواصل السعودية العمل عليه كما قال الوزير مع الأطراف الدولية التي تريد الخير للبلد ولأهله وصولا إلى مستقبل أفضل يعود فيه لبنان إلى أمته بعيدا عن هيمنة الميليشيات والتبعية لقوى ومحاور إقليمية تتخذ منه معبرا لجرائمها في أقطار المنطقة والعالم.

@Fahad_otaish