نورة عبدالله السالم

الفن منتج ثقافي يميز المجتمع كونه الجزء المعنوي لثقافة ما لذا لكل عصر فنه الخاص المستوحى من الزمان والمكان، فالفن في عصر النهضة مغاير عن العصور الأخرى.

كلمة فن بحد ذاتها نعني بها شتى المجالات الإبداعية للإنسان لأن مستواه يتفاوت وفقا لأيديولوجيات الشعوب من مستوى ثقافي وفكري ووجداني وهو حاجة ضرورية للإنسان كمتنفس يجسد به ذاته وأفكاره ورؤيته.

رغم انتشار الفن في الآونة الأخيرة وتأكيد أهميته إلا أنه ظاهرة معقدة متعددة الماهية، القيم الفكرية، الآراء، النظريات لذا لا بد من فهم المرجعيات والعلاقات التي شكلت القيمة الفكرية للفن والفنان.

فاليوم في ظل التغيرات بدأ الاهتمام في مجالات الفن لقدرته بتنمية الحس الإدراكي والبصري المستوحى من القيم والمعرفة والثقافة.

للفنان المبدع قيم متعددة تكونت من المجتمع بجانب القيم الجمالية، نجد الفنان يستلهم الفن من الطبيعة ممزوجا بأحاسيسه وأفكاره فيستشعر أهمية صياغة أفكاره صياغة جديدة مبتكرة ويصنع ما عجزت عنه الطبيعة كالإنسان القديم جسد نفسه برسوم الكهوف وصرح بها أحاسيسه المكبوتة كملجأ ومتنفس له.

إذن الفن خلق للحياة بكل ما تعنيه وإبداع للذات الجمالية يتقاسمه الفنان والمتلقي.

للتعبير الفني قدرة عقلية ذاتية خاصة، كما أنه غريزة فطرية يمتلكها بعض الناس يجسدها إلى حيز الوجود لأنها تعبر عن فهمه للواقع.

كذلك نستحضر التعبير الفني كمحصلة تفاعل الفكرة نجسد به مشاعرنا المكبوتة التي عجزت كل الحواس عن إدراكها.

كما أن الفنان التشكيلي لا يعبر عن واقعه المشابه له فحسب بل ينتج في أقسى الظروف عملا فنيا مبدعا ويصف بدقة واقعا لم يعش به وذلك يدل على ذكاء وحساسية الفنان، ونحن كفنانين نؤمن بأن لنا في الفن حياة أخرى لمواجهة الحياة نستشعر الأحاسيس ثم تستوقفنا كل فكرة بحساسية عالية قد تؤذينا أحيانا أخرى لننتج أعمالا أكثر إبداعية.

يميز الفنان قدراته، حدسه، تحرره من القيود، فأي فنان يتلاشى إبداعه تحت القيود والفنان تأتيه الأفكار في وقت لم يفكر بها.

أخيرا من خلال رحلتي في البحث فالجنون ليس مرتبطا بالفن كما يخيل لكم، الفن يتطلب استحضار العقل، أشارت النظرية العقلية في الإبداع الفني إلى أن القدرة على التفكير الإبداعي واحدة من أهم القدرات العقلية العليا كما أن الذاكرة العقلية لها القدرة على إنتاج أي عمل فني فكل عظمتنا تكمن في الفكر، وكل إبداع إنما هو نتاج فكري وكل عمل مبدع لا يرى النور إلا إذا لمسته عصا العقل البشري ودفعته إلى التأمل والرؤية.

أما «سيجموند فرويد» فيرى أن اللاشعور هو منبع الإبداع الفني ووسيلة ليحقق بها رغباته الخيالية التي أحبطها الواقع فيلجأ بمواهبه إلى طريقة ينفس بها عن خياله ويؤمن بأن للدوافع النفسية قدرة تدفع المبدعين إلى إنجاز أعمالهم الإبداعية.

ومن وجهة نظري ككاتبة أرى أن الفنان في الفن التعبيري ينشئه فكره، قدرته الخيالية الخلاقة ودوافعه النفسية، العقلية

كما أؤمن بأن الفنان لا بد أن ينمي حساسيته تجاه كل شيء يلهمه وعليه أن يسمح لنفسه بتجسيد الأشياء التي يشعر بها ويصف بدقة شعورا لم يشعر به ليكون أكثر إبداعا وأكثر حرية، ومن الجميل أن نقدر الفن بشتى أنواعه، نشجع ونحتضن كل عمل يدفعنا لتحقيق التنمية ومواكبة كل مستحدث والاعتزاز بثقافتنا.