لمي الغلاييني

يندفع الأغلبية منا لاتخاذ العديد من الإجراءات والسبل التي يأملون من خلالها للوصول إلى كسر قيود الشر والوصول إلى السعادة الدائمة، فهل يعد ذلك مجرد حلم أحمق؟، وهل توجد ممارسات يمكن من خلالها تأمين الازدهار الدائم المجرد من كل مخاوف عودة الحظ العاثر؟. ويبدو أن بداية الطريق تتمثل في اكتساب الفهم الصحيح لطبيعة الشر، إذ لا يكفي إنكار الشر أو تجاهله، بل يتعين فهمه على حقيقته، ومعرفة الدرس الذي نتعلمه منه، فلا جدوى من النقمة والغضب تجاه السلاسل التي تقيدك، بل يتعين عليك معرفة لماذا أنت مقيد، والخروج من ذاتك والبدء بفحصها وفهمها، والتوقف عن لعب دور الطفل غير المطيع في مدرسة تجارب الحياة، والبدء بتعلم الدروس المقررة لبناء ذاتك بتواضع وصبر، ذلك أن فلسفة الشر حين يتم فهمها بشكل صحيح تتمثل في كونها مجرد مرحلة عابرة في التجربة الإنسانية، وليست عبارة عن قوة لا محدودة أو مبدأ كوني، بل هو معلم متمكن لأولئك الطلاب الراغبين في تعلم دروس الحياة، فهو ليس مجرد شيء خارج عنك أو عن ذاتك، بل هو عبارة عن تجربة في صميم ذاتك، ومن خلال الفحص المتأني له وتصحيحه وتطهيره سوف تصل تدريجيا إلى اكتشاف أصل الشر وطبيعته، مما يعقبه بالضرورة التمكن من استئصاله كليا، فكل شر قابل للتصحيح والعلاج، وبالتالي فهو ليس دائما أو راسخا، لكنه يتجذر في الجهل بالطبيعة الحقيقية للأشياء والعلاقات فيما بينها، وبمقدار ما نبقى في حالة الجهل فسوف نبقى خاضعين لسطوة الشر. فليس هناك من شر في الكون إلا نتيجة الجهل، والذي لا يمكن أن يقودنا إذا كنا راغبين في تعلم الدرس إلى المزيد من الحكمة، وعندها سوف يتلاشى، إلا أن الكثير يستمرون على معاناة شرورهم ولا يتجاوزونها، لانعدام الرغبة والإرادة أو لأنهم ليسوا مهيأين لتعلم الدرس المفترض من وجوده، ودائما ما يرمز إلى الشر بالظلمة وإلى الطيبة بالنور، فكما يغمر النور دوما الكون، وكما أن الظلمة لا تعدو كونها مجرد لطخة أو ظل يلقيه جسم ضئيل على عدد قليل من أشعة الضوء التي لا حصر لها، كذلك فإن ضوء الطيبة الفائقة يمثل القوة الإيجابية التي تمنح الحياة للكون، ويمثل الشر ذلك الظل الهزيل الذي لا يمكنه حجب الأشعة المنيرة، وكما أن الظلام الخارجي لا يعدو كونه ظلالا سلبية وحالة لا واقعية تأتي من اللامكان وتذهب إلى اللامكان، وليس لها من مقام ثابت، كذلك فإن الظلام داخلك هو مجرد ظلال سلبية تمر بشكل عابر في روحك المتطورة التي ولدت في الضياء، والشر هو النتيجة المباشرة للجهل وعندما يتم تعلم دروس الشر يزول الجهل وتحتل الحكمة مكانه.

@LamaAlghalayini