د. جاسم المطوع

في الغرب وبعض دعاة النسوية يسمون إجبار الزوج لزوجته على معاشرته (اغتصاب) ويعتبرونها جريمة تستدعي تدخل القانون والقضاء لعقوبة الزوج بالسجن، وهذا المصطلح بهذا الوصف حسب الثقافة الغربية يساهم في إفساد العلاقة الزوجية، ونحن نرى أن استخدام مصطلح (اغتصاب) لهذا الفعل خطأ، فالاغتصاب بالمصطلح الشرعي يعني ارتكاب الزنا بالإكراه أو الاعتداء بالزنا على المرأة بالقهر والإجبار، وهذا يدخل في عقوبة حد الزنا وعقوبة حد الحرابة في التشريع الإسلامي.

أما لو أجبر الزوج زوجته على المعاشرة فهذا التصرف نسميه (سوء المعاشرة) ولا نسميه (اغتصابا)، والله أمر الرجال بمعاشرة النساء بالمعروف وليس بالعنف والإجبار والقهر لقوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف)، فالرجل الذي لا يراعي زوجته ولا يعاملها بلطف وحنان سواء أثناء المعاشرة أو في الحياة هو رجل سيئ لأنه خالف أمر الله ورسوله، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كذلك أمر الرجال بأن يتلطفوا عند معاشرة النساء وأن يحسنوا أداء المقدمات من خلال القبلة والكلام وليس من خلال العنف والقهر والتعنيف فقال عليه السلام (لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام)، فالنهي عن العنف والإجبار كالبهائم بالمعاشرة واضح بالحديث وهناك حديث آخر وصف فيه النبي العلاقة بين الزوجين أثناء المعاشرة (باللعب)، واللعب ليس فيه إجبار وعنف وقهر وإنما اللعب للمتعة والترفيه والأنس، بقوله عليه السلام للصحابي جابر بن عبدالله رضي الله عنه (هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك).

فنحن لا نسمي هذه المعاشرة بالإجبار (اغتصابا)، أما لو عاشر الرجل زوجته بعنف، أو أجبرها في الأوقات المحرمة للمعاشرة مثل وقت الحيض أو المرض أو النفاس أو أثناء صيامها فهذا حرام وتصرفه خاطئ، أو لو عاشرها بطريقة عنيفة تضررت منها جسديا أو عاطفيا أو عاشرها بمكان محرم مثل الدبر أو عاشرها بطريقة شاذة فكل هذه الأفعال لا نسميها (اغتصابا)، وإنما هو يرتكب كبيرة من الكبائر وفعلا حراما منهيا عنه، وعليه التوبة والاستغفار لأنه خالف أمر الله ورسوله، ومن حق الزوجة في حالة لو صمم على الاستمرار أن تخالعه أو تطلب الطلاق بشرط أن تثبت عنفه ورعونته وإجباره لها، أو تطلب من الأهل التدخل لتوجيهه ونصحه أو من القاضي لتأديبه، وفي حالة لو كان مريضا كأن يكون (ساديا) فيلزم بالعلاج حتى لا يمارس العنف والقهر والإجبار على زوجته.

إن الإسلام سمح للمرأة أن تشتكي على زوجها أو تطلب الانفصال لو لم يهتم بنظافة جسده أو يعالج رائحته الكريهه وخاصة أثناء المعاشرة، فكيف في حالة لو عاملها بعنف وإجبار؟ فمن باب أولى لها حق الاستمتاع بالمعاشرة الزوجية بطريقة سليمة وصحية، ولها الحق بأن ترفض المعاشرة العنيفة كذلك، وقد يحصل أن تتم المعاشرة بالقوة أحيانا فتسكت الزوجة حياء منها فهذا قرارها، ولكن أن يصبح الإجبار نهجا دائما في المعاشرة فهذا مرفوض، وبالمقابل على الزوجة أن تستجيب لزوجها ولا تمنعه لو كان يحسن معاشرتها فالرجال في الغالب أكثر طلبا للمعاشرة من النساء، كما أن المرأة لو طلبت زوجها فواجب عليه الاستجابة لها لكي يعفها ويلبيها، ويأثم الزوج لو تكرر رفضه لطلبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار).

وخلاصة القول ليس هناك ما يسمى (اغتصاب زوجي) بل هناك سوء المعاشرة واعتداء على حدود الله وأذى نفسي وجسدي، ونحن لا نحتاج أن نستورد من الغرب مفاهيمه وتشريعاته في شأن المعاشرة الزوجية، فالإسلام نظم لنا الحياة من العلاقات الزوجية إلى العلاقات الدولية.

@drjasem