د. عبدالوهاب القحطاني

تستثمر المملكة في مشاريع اقتصادية عملاقة لتنويع القاعدة الاقتصادية وخفض الاعتماد على إيرادات النفط الذي سيتقلص الاعتماد عليه في المملكة وعالميا بعد التحول إلى مصادر أخرى للتزود بالطاقة. تعد الرؤية 2030 الطموحة خارطة الطريق لإستراتيجية التنويع الاقتصادي. بدأت المبادرات الاقتصادية والحضارية والتكنولوجية والتصنيعية في السنوات الخمس الأخيرة في التبلور لتصبح المملكة رائدة في العديد من المجالات. كشفت المبادرة الرائدة لمشروع «نيوم» عن طموحات نجومية للقيادة السعودية وشعبها، اسم هذا المشروع مشتق من ركائزه التسع التي كشف عنها ولي العهد في منتدى الرياض في 4 يونيو 2017م.

يركز مشروع «نيوم» على 9 قطاعات استثمارية متخصصة، وهي مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، وذلك حسب ما جاء في تصريح لوكالة الأنباء السعودية «واس».. وبالطبع لصندوق الاستثمارات العامة نصيب الأسد في مشروع نيوم، حيث سيبلغ حجم الاستثمار حوالي 500 مليار دولار على مدى مدة إنشاء المشروع العملاق. يهدف الصندوق إلى الاستثمار في المملكة لما في ذلك من فائدة للاقتصاد الوطني واستقرار في عائدات المشاريع الواعدة مثل مشروع نيوم.

هناك عدة جوانب مهمة للحديث عن مشروع نيوم وما يعود به من فوائد كثيرة على المملكة، خاصة في الناحية الاقتصادية التي تهم كل مسئول حكومي ومواطن يأمل الخير والنماء والازدهار للاقتصاد الوطني. لقد كانت هجرة الأموال من المملكة لتستثمر في الخارج هاجسا ومشكلة كبيرة تضعف الاقتصاد والريال السعودي بالرغم من الفرص المتاحة التي تحتاج لأفكار إبداعية وابتكارية لتوطينها في المملكة ليستفيد منها الوطن والمواطن بعد عقود طويلة من التسرب والهجرة. أدرك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة إضافة إلى عودة الأموال السعودية المهاجرة للاستثمار في قنوات غير تقليدية تعود على المملكة والمستثمرين بالفائدة العظيمة، لذلك خرجت من خزان الأفكار مبادرات مشاريع كل من القدية والبحر الأحمر والسودة وسبقها مشروع «نيوم».

مشروع نيوم متكامل بين ثلاث دول عربية على مساحة تقدر بحوالي 27 ألف كيلو متر مربع. وهذا المشروع العملاق يزيد من التجارة البينية بين الدول العربية، ناهيك عن دوره في التجارة العالمية في منطقة إستراتيجية تربط بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا. سيساهم مشروع نيوم في النشاطات الاقتصادية في مجالات عديدة تدعم الاقتصاد السعودي، خاصة في المجال التكنولوجي وما يعتمد عليه من الإبداع والابتكار اللذين يعتبران الأساس في الأعمال الريادية.

ستشارك في مشروع «نيوم» شركات عالمية عملاقة في مختلف المجالات في بيئة استثمارية طموحة تراعى فيها المنافسة العالمية من حيث التسهيلات في الترخيص والجمارك والإمداد والحوافز الضريبية المنافسة والمرونة والسرعة في الوصول إلى الأسواق العالمية. وسيكون للخبرات العالمية دور كبير في التنمية الاقتصادية في مشروع نيوم وبقية مناطق المملكة من خلال جذب الشركات السعودية للاستثمار في مختلف القطاعات التي يستهدفها المشروع. من المتوقع أن تشارك مشاريع نيوم في إجمالي الناتج بحوالي 400 مليار ريال سنويا بعد بدء التشغيل الكلي بعدة سنوات.

سيكون لرواد الأعمال السعوديين الفرص المواتية لتطوير مهاراتهم وأفكارهم من خلال الاحتكاك بخبرات عالمية في العديد من المجالات المتوافرة في نيوم. تؤسس نيوم البيئة الخصبة التي تحفز المبدعين على الابتكار والعطاء والتميز والمنافسة عالميا. وهذه نقطة تستحق اهتمام السعوديين الباحثين عن الإبداع والابتكار وتحقيق الذات بما يناسب طموحاتهم نحو مستقبل أفضل.

تعتمد المملكة على تحلية مياه البحر للتزود بالمياه المحلاة ما يزيد من الحاجة لتقنيات تحلية المياه المالحة مثل تقنية النانو. سيجلب مشروع نيوم المعرفة والتقنية والتكنولوجيا في مجال تحلية المياه إلى منطقتنا وبالتالي يستطيع السعوديون تنمية مهاراتهم ومعرفتهم في مجال تحلية المياه.

@dr_abdulwahhab