فهد سعدون الخالدي

أصدر وزير التعليم الأسبوع الماضي قرارا بتشكيل لجنة من المسؤولين والقيادات التعليمية في جميع مراحل التعليم العام وفي التعليم العالي مهمتها اتخاذ القرار المناسب بشأن شكل العودة للتعليم وإمكانية العودة إليه حضوريا مع بداية العام الدراسي القادم -بإذن الله-، وذلك بعد المؤشرات الإيجابية لتحسن الوضع الوبائي والتطورات والمستجدات فيما يتعلق بمواجهة جائحة كورونا، وعلى ضوء حملات التطعيم المستمرة ضد هذا الوباء حيث تجاوز عدد من تلقوا جرعات التطعيم في المملكة حتى الآن عتبة عشرة ملايين مواطن ومقيم مع المضي قدما في الاستعدادات لتطعيم ما يقارب ثمانية وعشرين مليون مواطن ومقيم عند بداية شهر أيلول القادم وهو موعد استئناف العام الدراسي مما سيسمح -بإذن الله- بالعودة إلى الدراسة النظامية والتعليم الوجاهي، ومع ذلك فإن ولاة الأمر -أيدهم الله- وجريا على عادتهم في وضع مصلحة المواطن قبل كل شيء أرادوا أن تتم هذه العودة ضمن إجراءات محددة تحافظ على سلامة الطلاب والمعلمين والمواطنين والمقيمين جميعا، ولا شك أن اللجنة المشكلة لهذا الغرض سوف تأخذ ذلك في الحسبان وتضعه في اعتبارها وهي تناقش العديد من الاحتمالات والبدائل المتاحة وستكون مهمتها الأولى أن تتم العودة -بإذن الله- بشكل آمن يحقق الغاية منها سواء من حيث سير العملية التعليمية بما يحفظ مصالح الطلاب ويحقق أفضل المخرجات التعليمية وفي نفس الوقت يجنب أطراف العملية التعليمية والمجتمع أي خطر محتمل. وقد حفلت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بعد نشر خبر تشكيل هذه اللجنة بالكثير من التوقعات عن شكل عودة التعليم كما رافق ذلك العديد من التعليقات والآراء التي تعارض فكرة العودة إلى التعليم الوجاهي في هذا الوقت خشية تعرض الطلاب للخطر -لا سمح الله-، إضافة إلى الأصوات التي تؤيد العودة وتثق بأنه سيصاحبها بل سيسبقها إن تقرر ذلك وضع الحلول لكافة المشاكل والتوقعات السلبية لهذه العودة من خلال الاستمرار في الإجراءات الاحترازية المتخذة حاليا، إضافة إلى ما يمكن أن تلجأ إليه الوزارة من تنظيم عملية التعليم سواء من حيث التوجه إلى التعليم المدمج الذي يجمع التعليم عن بعد والتعليم الوجاهي مستفيدة في ذلك بالخبرات التي اكتسبتها المؤسسة التعليمية وكوادرها من القيادات الإدارية والتربوية والمشرفين والمعلمين والمعلمات خلال العام الماضي والعام الذي سبقه، إضافة إلى إمكانية ألا تكون العودة لجميع الطلاب أو الصفوف أو على الأقل لجميع المواد الدراسية حيث تبقى بعض المواد لكي يتلقاها الطلاب عن بعد تبعا لطبيعة المادة وملاءمة محتوى المقرر الخاص بها للحوسبة لتقديمها عبر منصات التعليم التي تم توظيفها خلال الفترة الماضية وما تحقق من مخرجات طيبة يعول عليها، وكذلك الاستفادة من احتمال تقليل أعداد الطلبة في الصفوف الوجاهية مما يسمح بوجود مسافة كافية وتباعد بين الطلاب داخل الصفوف وفي الساحات وتجنب التجمعات ووقف الأنشطة الجماعية التي تقتضي الاحتكاك الجسدي والتقارب المباشر بين الطلاب.. على أية حال نحن أمام خيار رئيسي هو ضرورة اختيار أنسب الطرق لتحقيق أفضل المخرجات في العملية التعليمية، والمحافظة على صحة الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات وسلامة المجتمع بأسره في نفس الوقت، ومما يبعث على الثقة أن بلادنا كانت والحمد لله من أكثر البلدان نجاحا في مواجهة المؤثرات السلبية لوباء كورونا سواء من حيث تقليل عدد الإصابات أو تقديم العلاج للمصابين، وكذلك التطعيم والتحصين الذي تستمر عملياته على قدم وساق وتسخر لأجله كل الإمكانيات ويقدم على أحسن صورة بشهادة المواطنين الذين تلقوا التطعيم أنفسهم، وشهادات المراقبين والصحفيين ووكالات الأنباء العالمية التي تتحدث تقاريرها المتواترة عن النجاح الذي أحرزته السعودية وما زالت تحرزه كل يوم في مواجهة كورونا، وتقديم أفضل الرعاية لمواطنيها والمقيمين فيها، كما أن مما يدفع إلى المزيد من الثقة أن اللجنة المشكلة لهذا الغرض هي من أصحاب الخبرة والدراية وممن يهمهم مصلحة الوطن أولا ومصلحة المواطن والمقيم، وهم من رجال التعليم الذين يشهد لهم القاصي والداني بالحرص والإخلاص، ويبقى على كل مواطن ومقيم أن يتقدم بما لديه من آراء وأفكار وأن يتفاعل مع هذه القضية حتى يكون القرار -بإذن الله- على ما أراده ولاة الأمر محققا لمصلحة الجميع، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

Fahad_otaish@