عبدالعزيز الذكير يكتب:

تمر منطقتنا بمرحلة فصلية باردة، كان أهلنا يسمونها قديما مقرقع البيبان (الأبواب) وهي مرحلة مناخية يشتد معها هبوب الرياح الباردة لدرجة أن الأبواب - وهي خشبية - تصدر أصواتا في مفاصلها وأقفالها تشبه الأصوات التي يصدرها المقفل الخشبي عند محاولة فتح الباب للدخول.

واللذان يتحركان و«يقرقعان» من أجزاء الباب الخشبي بكثرة هما «المجرى والسكرة».

المجرى، بكسر الميم وفتح الراء.. مغلاق خشبي تغلق به الأبواب وأظن أن اللفظة جاءت من جرى، لأنه يجري عند الإغلاق والفتح. وكان الناس يحرصون عليه زيادة في الاحتراز الليلي، ويقفلون الباب. وتسمى العملية «صكة الليل».

بعد استتباب الأمن، احترز الناس على بيوتهم ودكاكينهم بالـ «مجرى» ومفتاح خشبي. يعتمد على سقوط ورفع أعواد صلبة في «نظام» المجرى.

هذا الاحتراز كان فقط - ربما - لإعاقة العابث، لأن اللصوص كانوا قليلين أو معدومين.

نأتي إلى «السكرة» وهي أيضا من الخشب وتقع أسفل المجرى. وسميت بذلك لأنها أداة تسكير الباب أي إغلاقه. وعادة تستعمل وحدها - في المنازل - خلال ساعات النهار.

ووضعها كتاب «غرائب اللغة العربية» للأب رافائيل نخلة، في قسم المفردات التي استعارتها اللغة العربية من الآرامية فقال إن الكلمة سكر، هو ما سد به النهر. وهو أيضا ما قفل به الباب أي إغلاق SKAR. وما زلنا نستعمل سكر بمعنى أغلق.

وفي التنزيل (لقالوا إنما سكرت أبصارنا) أي حبست عن النظر وحيرت.

****************

وأذكر أحد طلاب الدراسات العليا في لندن جاء معه بمفتاح من الخشب، قديم وعلى درجة كبيرة من الحرفية والإتقان يعود لمنزلهم الطيني.

الطالب القادم إلى لندن أراد - في اجتماعه مع أسرة إنجليزية - أن يأتي بامتحان أو أحجية للجلوس أخرج المفتاح من جيبه وطلب من الحضور معرفة ذلك «الشيء».

قالت السيدة على يمينه: فرشة أسنان.. قديمة.. ربما أثرية.

وقال ابنها الذي كان يجلس إلى جوارها: هذا مشط.. نقال...! لنوع معين من الشعر المستعار.

وقالت الابنة - وهي في أولى مراحلها الجامعية -: هذا مشط ولكن - ربما - للخيل أو الكلاب ذوات الشعر الكثيف.

وفوجئ الجميع عندما قال لهم إنه مفتاح.. عشنا مع أمانه «سنين».

A_Althukair@