وول ستريت جورنال - سيباستيان بيليجيرو ترجمة - نورهان عباس

المستثمرون يراهنون على أن المؤسسات ذات التصنيف العالي ستتخطى تأثيرات الوباء وتقود أحد أسواق السندات الرئيسية إلى مستويات ما قبل الأزمة

تسببت الآمال في حدوث انتعاش اقتصادي مع تباطؤ الاقتراض في رفع سندات الشركات الأمريكية وحصولها على بداية قوية في عام 2021.

واعتبارًا من يوم الخميس الماضي، بلغ متوسط العائد الإضافي، أو ما يعرف باسم «فارق العائد» إلى 0.93 نقطة مئوية، وفقًا لبيانات بلومبرج باركليز، وبسبب ذلك العائد فضّل المستثمرون الاحتفاظ بسندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية العالية، بدلًا من سندات الخزانة الأمريكية.

ويُعد هذا الرقم أقل من مستوى الشهر الماضي البالغ 1.05 نقطة مئوية، كما يقلص الفجوة بين عائدات سندات الشركات وسندات الخزانة الأمريكية بأكبر صورة ممكنة منذ يناير 2020.

وتعكس هذه الخطوة ثقة المستثمرين المتزايدة في أن الشركات الأمريكية ذات التصنيف العالي ستتحمّل تبعات الوباء، مدعومة بإطلاق لقاح فيروس كوفيد 19، وحزم التحفيز الاقتصادي، إلى جانب صرف مبالغ نقدية كبيرة من بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وكانت فروق العائد قد اتسعت بشكل حاد خلال اضطرابات السوق في أوائل عام 2020، عندما كان العديد من المستثمرين يخشون أن الوباء قد يؤدي إلى موجة من التخلف عن السداد والإفلاس، مما يؤدي إلى زيادة الخسائر في أوراق الديون التي تمتلكها الشركات.

وساعد تدخل الاحتياطي الفيدرالي، الذي تضمن خفض أسعار الفائدة وشراء سندات بمليارات الدولارات، في تغذية الانتعاش الاقتصادي. ومع اقتراب معدلات الفائدة من الصفر، سعى المستثمرون إلى تحقيق عائدات إضافية في سوق الدرجة الاستثمارية، مما ساعد الشركات على إعادة تمويل ديونها بأسعار فائدة منخفضة، وجمع مبالغ نقدية قياسية لتأمين الميزانيات العمومية من تأثيرات الوباء.

والآن يتوقع الاقتصاديون في وول ستريت حدوث انتعاش في النمو الاقتصادي، في وقت لاحق من عام 2021، وذلك في ظل تسارع جهود نشر لقاح فيروس كورونا.

وحصلت الصناديق ذات الدرجة الاستثمارية والصناديق المتداولة في البورصة على أكثر من 12 مليار دولار هذا العام اعتبارًا من 13 يناير، وفقًا لبيانات شركة ريفينيت ليبر، وذلك بعد تحقيقها أكبر تدفق نقدي لمدة عام واحد على الإطلاق في عام 2020.

ويقول هانز ميكيلسن، المحلل الإستراتيجي للاستثمارات ذات العوائد العالية في بنك أوف أمريكا: «لا يزال هناك طلب كبير - على السندات الأمريكية -، بسبب نقص العوائد الموجودة على مستوى العالم».

وتمثل سندات الشركات الأمريكية ذات الدرجة الاستثمارية حوالي 40٪ من العائد الذي يكسبه المستثمرون الآن في أسواق الدخل الثابت العالمية ذات الدرجة الاستثمارية، والتي تغطي بعض الأصول الأخرى بما في ذلك الرهون العقارية والديون الحكومية، وفقًا لما يؤكده محللو شركة بوف إيه.

وفي الفترة الحالية، تتباطأ مبيعات السندات بعد موجة من الإصدارات الجديدة في بداية العام، وهو ما يمثل دفعة إضافية لارتفاع الأسعار. وبعد الارتفاع القياسي في العام الماضي، جمعت الشركات ذات التصنيف الاستثماري أكثر من 74 مليار دولار حتى الآن في شهر يناير، وذلك وفقًا لبيانات شركة إل سي دي التابعة لشركة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس، وهذا يتساوى تقريبًا مع أرباح الإصدارات الجديدة في نفس الفترة قبل عام مضى، والتي بلغت وقتها 75 مليار دولار.

ويتوقع المحللون أن يستمر التباطؤ في الاقتراض خلال العام الحالي، وأن تبدأ الشركات في استخدام السيولة النقدية التي جمعتها لتقليل الديون أو توسيع أعمالها، وكل ذلك يمكن أن يدعم أسعار السندات الحالية.

على الجانب الآخر، ساعدت مبيعات السندات الجديدة القياسية، والتي بلغت 1.7 تريليون دولار في العام الماضي، في جعل مبلغ الدين بالنسبة للأرباح - أو ما يُسمى بالرافعة المالية - في ميزانيات الشركات يقترب من تحطيم الرقم القياسي، مما أثار مخاوف بشأن مدى قدرة الشركات على مواجهة الانكماشات المستقبلية.

ومع ذلك، لا يزال هناك بعض المستثمرين الذين يفضلون الابتعاد عن السندات. فمع عودة أسعار السندات إلى مستويات ما قبل الوباء، ستكون هناك حدود لارتفاع الأرباح الذي يمكن للمستثمرين توقعه نتيجة حيازة ديون من الدرجة الاستثمارية (سندات الشركات)، وذلك حسبما تؤكده ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في مؤسسة مورجان ستانلي لإدارة الثروات.

أيضًا، ومع أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، اختار العديد من المقترضين بيع السندات التي ستنمو بصورة أكبر في المستقبل - أكثر مما هي عليه الآن -، حيث تضع هذه السندات المستثمرين في موقف ضعيف؛ لأن السندات ذات القسائم المنخفضة وآجال الاستحقاق الأطول تكون أكثر حساسية للتغيّرات في أسعار الفائدة، وهو مقياس يُعرف باسم «مدة الأصل المالي». وهناك إحدى القواعد الأساسية الشائعة بين المستثمرين، والتي تنص على أن: «سعر السند سيتحرك بنسبة 1٪ في الاتجاه المعاكس، عند القيام بحركة مماثلة في أسعار الفائدة لكل سنة من مدة الأصل المالي».

ووفقًا لمؤسسة مورغان ستانلي، يبلغ متوسط السندات في مؤشر الشركات بلومبرج باركليز حاليًا حوالي 9 سنوات، أي أعلى بنسبة تزيد على 50٪ من متوسط المدى الطويل.

وتوصي «شاليت» عملاءها بالتركيز على الاستثمار في الصناديق قصيرة المدة، وذات الدرجة الاستثمارية، إن وجدت.

وقالت: «نادرًا ما حصل المستثمرون الذين يخاطرون بالائتمان في سندات طويلة المدة على تعويضات تشجعهم على القيام بذلك». وأضافت: «مدى ارتفاع تكلفة هذه السندات هو سبب حذر المستثمرين منها».