وليد الأحمد

إبعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قسراً من فيسبوك وتويتر، وشروط الخصوصية الجديدة للمستخدمين في واتساب مشهدان إعلاميان متباينان، يجمع بينهما حالة الإرباك المتنامية، التي سببتها مواقع التواصل الاجتماعي. فالتحديات التي فرضها الفضاء الافتراضي الجديد تستوجب إعادة صياغة التشريعات الإعلامية والإعلانية والتقنية والأمنية، وتدفعنا للتفكير ملياً في جدوى بقاء مواقع التواصل هكذا محتكرة من شركات أجنبية بأجندات مشبوهة دون بدائل محلية.

في الصين التي تحظر كل مواقع التواصل الأمريكية مع توفير بدائل محلية لها، لم تمر قضية تجميد الحسابين الشخصيين لرئيس أقوى دولة في العالم في مواقع التواصل الاجتماعي دون تهكم وإسقاطات سياسية لقيت صداها في الصحيفة الأمريكية نيويورك تايمز، التي أفردت تغطية لردود الفعل الصينية في موقع التواصل الاجتماعي الصيني «ويبو» Weibo، إذ نقلت رأي مستخدم صيني بأن ما حدث للرئيس الأمريكي من طرد على منصتي فيسبوك وتويتر يعد انقلابا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن حرية التعبير، التي تتغنى بها أكثر الدول ديموقراطية في العالم لها حدود أيضا. الصحيفة الأمريكية تخلت عن رصانتها في التقرير وبدلاً من التحليل الموضوعي للتهكم الصيني، اكتفت برد الشتيمة بمثيلتها واتهام الصين بأنها الرائدة عالمياً في الرقابة على الإنترنت وقمع الآراء.

شركة واتساب عادت الجمعة الماضي 15 يناير وتراجعت عن خطتها إجبار مستخدميها وعددهم نحو مليارين في كل أنحاء العالم، الموافقة على شروط استخدام جديدة تتيح له مزيدا من البيانات مع «فيسبوك» المالكة للتطبيق، على أن يُمنع المستخدمون، الذين يرفضون الموافقة على الشروط الجديدة من استعمال حساباتهم اعتباراً من الثامن من فبراير. وأعلن إرجاء تعديل قواعد الخصوصية عقب احتجاجات المستخدمين، مؤكداً أنه لن يتم تعليق أو حذف أي حساب في الثامن من فبراير، وأوضح التطبيق أنه سيبذل جهداً أكبر لتوضيح المعلومات الخاطئة بشأن الخصوصية والأمن، وأن التحديث الأخير لا يوسع قاعدة مشاركة البيانات مع فيسبوك.

وقبل ذلك بأيام وفي الهند تحديداً، كانت ولا تزال شركة «فيسبوك» المالكة لتطبيق «واتساب» تواجه تحدياً قانونياً جديداً، حيث قُدّم التماس قضائي، يتهم سياسة الخصوصية الجديدة بتهديد الأمن الهندي بمشاركته وإرساله وتخزينه بيانات المستخدمين في دول أخرى، ما يجعل هذه المعلومات خاضعة لقوانين أجنبية، خصوصاً أن سياسة «واتساب» الجديدة تمنح الشركة المالكة ملف تعريف شخصي بـ360 درجة عن نشاط الفرد عبر الإنترنت.

إن النفوذ المتعاظم لشركات التقنية الأمريكية مشهد مرتبك وحافل بالأخطار على الدول والمجتمعات والصناعات. وفي حين أنه يثير الريبة عن الدور الحقيقي لمواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يوجه تنبيهاً لضرورة خلق بدائل محلية على الطريقة الصينية، فضلاً عن تطوير التشريعات الحالية لمواكبة تحديات المجتمع الافتراضي.

woahmed1@