عبدالعزيز الذكير

أثناء إقامتي في إنجلترا، وجدت برهانا على أن العراقي متيم بالترجمة الفورية أكثر من الجنسيات العربية الأخرى، نتفق على أن ممارس الترجمة الفورية عليه أن يملك حدا أدنى من اللهجات العربية كي يعالج بواقعية ووضوح المفردات والمصطلحات، أحد الذين عرفتهم في لندن أثناء عملي في المكتب الثقافي عربي يملك قدرة جيدة في كسب ود رجال السفارات العربية. فكان الرجل ودودا محبا للمساعدة، ويتكسب من مهارته في الترجمة، خصوصا ما يتعلق بمفردات الطب والأمراض، فكان جزءا من وقته النهاري في العيادات مصاحبا للمرضى القادمين من الجزيرة والخليج يترجم لهم ويرعى شؤونهم لقاء أجر لا يقرره هو بل يقرره الزبون وقد أقنعته بأن أطلق عليه لقب: قنصل سايكس بيكو فى لندن، وقال لي مرة إنه واحد من المنتفعين بكثرة اللهجات العربية، وقد كاد أن يستوعبها جميعا، وأصبح محبوبا ومعروفا لدى السفارات العربية، وقال مفاخرا: وجدت أكثر من عشرين سفيرا وقنصلا يدعوني إلى العشاء في اليوم الوطني لبلاده ولمناسبات أخرى تتعلق بحضور وفود وإقامة معارض ومؤتمرات، وحضور شخصيات رسمية، وبهذا أضمن عشاء فاخرا مجانيا ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل، ولأنني أسكن وحدي (والقول لصاحبنا) فإن هذا يوفر علي تكلفة الطعام، وقال لي مرة في إحدى زياراتي الأخيرة: إن مكاتب «المعارضة» العربية في لندن قد كثرت هذه الأيام. وربما أصبحت وجباتي أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع واعتدت -أثناء عملي في المكتب الثقافي السعودي في لندن- أن أتطوع بالقيام بعملية الترجمة الفورية بين المرضى السعوديين، أو من يحتاج منهم، وبين الأطباء الإنجليز، وصادفت مواقف لفظية ومصطلحات كان علي أن أتصرف حيالها، وأبتعد عن نص ما قاله المريض، وفي مرة كنت أقوم بالترجمة بين أحد الأفاضل من منطقة القصيم وطبيب باطني وسأله الطبيب -بواسطتي- هل يتناول الشاي بكثرة، فقال المريض: أقطعء به. وهو اصطلاح معروف يعني: أكثر منه. أو أشرب منه الكثير وجاءت ترجمتي بنعم وذلك إجابة كافية على سؤال الطبيب، وصديق من مكة أوصاني على والده الطيب الذي كان في لندن في زيارة عادية، لكنه أراد أن يجري فحوصات، كان لديه نوع من الحرقة في المعدة. واعترف لي بأنه يكثر من الفلفل، سأله الطبيب: هل تتناول الفلفل؟ وكان جواب صاحبنا، أسكت يا شيخ. يعني نعم التهم الفلفل، وعامة أهل المراسم والبروتوكولات متفقون على أن توجيه الحديث يختلف من شخصية إلى أخرى. ولاحظ المدققون المقابلة الأخيرة بين الرئيس الأمريكي بوش والبابا. ومعلوم أن المرء في مناسبة كهذه لا يخاطب البابا بكلمة SIR بل بعبارة «YOUR GRACE» «قداستكم» لكن هذا النهج فيما يبدو لم يعط إلى الرئيس بوش في الإيجاز الذي يسبق المقابلة. وكان أن استعمل الأخير كلمة (SIR سير) كمخاطبة أي شخص عادي. والتقط الإعلام تلك الهفوة المراسمية وعلق عليها بسخرية، نأتي إلى كلمة قصيمية معروفة، وهي مفردة «الصفره» وتعني نوم ما بعد صلاة الفجر. وأحد المقيمين في أمريكا غبر سعودي قام بعملية ترجمة بين قصيمي وطبيب. وكانت طبيعة الشكوى الأرق، فسأل الطبيب المريض: ألا تنام أثناء الليل أبدا؟ فقال المريض: «أصفر» ويقصد أنام مع الصباح، فقال المترجم I WHISTLE، فتعجب الطبيب وسأل المترجم، لماذا يصفر «WHY WHISTLE؟».

A_Althukair@