وليد الأحمد

بعد أسبوع من اختتام قمة العشرين التي استضفتها المملكة، لا يزال صدى نجاحها اللافت مسموعاً، ولا تزال هناك قصص كثيرة لم ترو عن حجم التحديات التي تغلب عليها المنضمون والمفاوضون السعوديون قبل أن يبث إعلان الرياض بإجماع على القضايا الأكثر أهمية لسكان كوكب الأرض.

قد يتصور البعض أن انعقاد القمة واجتماعاتها التحضيرية افتراضياً سهّل مهمة المملكة في التنظيم لاعتبارات لوجستية، لكن العكس صحيح فالتحدي له تعقيدات سياسية واقتصادية وتقنية أكبر وأعمق. وإذا ما اعتبرنا أن تبني قادة الدول العشرين بالإجماع لموقف موحد في القمة تجاه القضايا العالمية المطروحة للبحث والمعالجة هو أكبر تحد للقمة، وهو مقياس نجاحها الحقيقي، فإن الطريق لتحقيق هذا الهدف، يحتاج إلى الكثير من المفاوضات الشاقة التي تتطلب دبلوماسية عالية ولقاءات مباشرة، يكاد يتعذر حلحلتها افتراضيا عبر الفيديو أو بمراسلات البريد الإلكتروني، لاسيما وهي تمس قضايا سيادية للدول. فضلاً عن موثوقية الاتصالات والبنية التحتية الرقمية للقمة، وتحديات التهديدات السيبرانية التي بلغت 2.8 مليون هجمة أثناء انعقاد القمة بحسب الأرقام التي أعلنتها سدايا.

لقد نجحت المملكة في إنشاء منصة سمحت لقادة العالم بالالتئام والخروج بحلول ناجعة ساهمت بشكل فعال في الاستجابة لجائحة كورونا المستجد COVID-19 عبر ضخ 12 مليار دولار في الاقتصاد العالمي لحماية الأرواح وسبل العيش الكريم؛ لاسيما حماية الفئات الأكثر ضعفاً من خلال الاتفاقية التاريخية بشأن تخفيف عبء الديون؛ ودعم النظم الصحية العالمية والالتزام بتعزيز الجهود لتأمين اللقاح اللازم إضافة إلى قيادة جهود حماية كوكب الأرض وفق أهداف التنمية المستدامة.

أنجزت هذه الالتزامات التاريخية عبر عقد قمتين افتراضيتين لأول مرة في تاريخ الدول، تخللهما عقد أكثر من 170 اجتماعًا بتفاعل إعلامي عالمي Impression بلغ 2.7 وأكثر من 60 تغييرا في الإجراءات والتشريعات للدول.

إن النتائج الإيجابية لقمة العشرين التي استضافتها المملكة تطلبت الكثير من العمل المنظم على مدار فترة الرئاسة، والذي يستغرق في الظروف الطبيعية سنوات وشهورًا من التخطيط، فكيف هو الحال وسط جائحة كورونا التي شلَّت حركة العالم أجمع! وبدءاً بوضع جدول أعمال طموح يليق بقادة الدول الأقوى اقتصاداً في العالم لمواجهة التحديات التي تواجهها شعوبهم بشكل خاص ويواجهها كوكب الأرض وسكانه بشكل عام، مروراً بإجماع 20 دولة على قضايا تحتمل الجدل، وانتهاء بسلاسة التنظيم والتواصل الافتراضي، من المنصف الفخر بنجاح الرياض في تنظيم أصعب قمة لقادة العشرين.

@woahmed1