د. محمد حامد الغامدي

n لماذا لا تصوت شعوب العالم أو دوله على اختيار الرئيس الأمريكي؟ أقترح، وببراءة، مشاركتهم هذا التصويت الاستثنائي على مستوى الكون. فأمريكا تتربع على بساط مصير عالمنا. كنتيجة من حق دوله اختيار الرئيس الذي تفضله، ولا أقول الذي ينكل بها. أن تختار من سيؤثر في إدارة مصالحها ويحدد اتجاهات مستقبلها. فأمريكا كحالة الطقس والمواسم، لا تشبه إلا نفسها، مع نزعة الانزواء عن العالم القديم، بكل موروثه وثقافته، وتاريخه.

n كفرد عربي يتابع التحركات دون معرفة من يحركها، تابعت سباقهم نحو البيت الأبيض، عبر القنوات الناطقة باللغة العربية. لم تعلم بأني قد اقترحت سابقا تسميته باسم (بيت المطبخ العالمي). جعلوني أعرف بأنه يعد كل وجبات العالم بجميع أصناف الأطعمة، وبكل درجاتها، من عالية الفائدة لعديمة المنفعة، من المحركة للشهية إلى التي تصد النفس، من الطبخات التي يجب تجرع أكلها مرة إلى الطبخات التي يسيل اللعاب لرؤيتها قبل تناولها.

n جعلونا في جهة، وهذا البيت وكبير طهاته في الجهة الأخرى. لا يرى إلا الدولار، ومصالحه على سطح الأرض وفضائها وفي أعماقها. لهذا لا أحمل الدولار في جيب ثوبي ولا أقتنيه. تقربت أكثر وكتبت عن كبير الطهاة هذا، في مقال سابق بعنوان (دغابيس الحرية)، بجريدة اليوم عام (2004).

n (الدغابيس) لمن لا يعرفها، أكلة خارقة لجدار الجوع، اخترعها أهل بلاد غامد في منطقة الباحة لمواجهة صعوبة تضاريس ومناخ منطقتهم. مصنوعة من طحين حنطة البلاد بلونها القمحي، لتعزيز وترسيخ الأصالة العربية في أعماق نفوسهم.

n الجميل في (الدغابيس) سهولة تشكيلها وفقا للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الريفية المحلية السائدة. وتأتي في أشكال وأنماط قوالب متعددة، فهي تختلف في السماكة، والحجم، ودرجة الصلابة. ويأتي طعمها وفقا للوسط الذي تطبخ فيه. بعضها مع اللحم والشحم والمرق. بعضها مع (القراصة)، خليط مطبوخ من النباتات الورقية. بعضها مع حبات (الدجر)، خاصة مع قسوة برد الشتاء. أقلها درجة سلقها في الماء الصافي.

n في وضع أشبه ببرامج القنوات الناطقة بالعربية، الكل يستطيع إعداد (الدغابيس) بطريقته الخاصة، فقيرهم والغني. مع الجوع يتم نسيان كل الفروقات، حيث تصبح كل أنواع الطبخ ملهمة وشهية. وهكذا العالم مع طبخة (دغابيس) البيت الأبيض وكبير الطهاة وقنوات التبشير بنجاحها.

n لم يشفع للعرب أن كتبت مقالا سابقا، عن التشابه العجيب بين أهل منطقة الباحة وأهل أمريكا، فقلت بأشياء مشتركة بينهما، منها ثقافة أكل لحم البقر، خاصة (الحسيل). أيضا تشابه شهوتهم للذرة، وتسمى في منطقة الباحة (حب الحاج)، وتتشابه ثقافة تنوع أكلها، فمنها المشوية، والمطبوخة، والمطحونة.

n هناك أيضا تشابه مشترك وعجيب في توثيق المعلومات، فكل شيء في الحياة والبيئة له اسم يعرف به، وكأنه فرد من الجماعة. هناك (القلية) وهي حبوب حنطة محمصة على نار هادئة. الأهم والشيء العجيب الذي لفت نظري في التشابه الكبير هو (كيس النوم). حتى أنه أصبح في منطقة الباحة مثلا شعبيا، حيث يوصف بعض الأفراد بـ (كيس النوم)، في حال لم يخضع لمعايير المرجلة الاجتماعية. وينطبق هذا على بعض القنوات الفضائية العربية.

n أعود لدعوتي لأمريكا للسماح لدول العالم بالتصويت والمشاركة في السباق الرئاسي، لتختار شعوب الأرض بنفسها اليد التي تقرر مصيرها ومستقبلها ومدى نعيمها وشقائها. أطرح هذه الدعوة بعد تشبعي من برامج القنوات الناطقة بالعربية، وببراءة عصافير الحياة العربية، قلت من حق دول العالم اختيار الرئيس الأمريكي الذي يقرر المصير. أن يكون حقا ومطلبا تتم صياغة كلماته وأهدافه ورؤيته، وفق قانون الزباء العربية (بيدي لا بيد عمرو).

n فأتقدم فخورا بهذا الطلب، لنحلل سهرنا طوال ساعات الليل نترقب الفائز، جعلوني مؤمنا بأنه يهمنا كما يهم الناخب الأمريكي.

@DrAlghamdiMH