د. شلاش الضبعان

لم تحترق تنومة بل احترقت قلوبنا في تنومة، فأي خلل في بيئتنا ضرره علينا قبلها.

تنومة تلك المحافظة الجميلة الواقعة جنوب غرب وطننا في منطقة عسير على سلسلة جبال السروات، وبالتحديد شمال أبها على بعد 125 كيلو مترا تقريباً ويصل عدد سكانها إلى 20 ألف نسمة، تعاني من حرائق هذه الأيام في جبل غلامة وحسب إمارة منطقة عسير فقد قدرت القيادة الميدانية الموحدة التي تم تشكيلها أن مساحة حريق تنومة تصل إلى 1000 × 500 متر، ولا إصابات ولله الحمد فقد تم تنفيذ العديد من الإجراءات الوقائية في مراحل إخماده، منها الحرص على حماية المواقع السكنية وإخلاء ما يستحق الإخلاء، وتعزيز عملية الإخماد بالطائرات الاستطلاعية وبطولات رجال الدفاع المدني والمتطوعين، وفوق ذلك حفظ الله وتوفيقه.

وكعادة هذا الشعب أعلن شيوخ القبائل ورجالاتها عن فتح بيوتهم لكل متضرر، ولا غرابة على شعب القيم والمكارم.

ما يؤلم أن هذا الحريق - وقد وقى الله البشر - يدمر البيئة، وقد يصعب عليها التعافي سريعاً، فهناك أشجار نادرة احترقت، ومن الصعوبة عودتها.

والوعي البيئي أمر مهم لكل مواطن ومواطنة، فقد استوقفني تصريح المدير العام للدفاع المدني الفريق سليمان العمرو جاء فيه: إن علينا كمواطنين ومسؤولين دورا كبيرا في تنمية ثقافة المحافظة على البيئة وغرسها، وأن البعض يستخدم الحطب والفحم في هذه المواقع ثم يتركها ويغادر فتأتي الرياح لتنقل اللهب إلى مكان آخر، فينتشر الحريق.

مثل هذه الممارسات التي لا تكاد تغيب عن أعيننا في كل رحلة من رحلاتنا، هي ممارسات خطيرة ومدمرة، وإن كانت اليوم الحرائق في تنومة، فمن الممكن أن يكون الخطر في غيرها إن لم نكن أكثر وعياً.

نتمنى أن تقوم البيوت والمدارس والمساجد والجامعات بدورها في تنمية الوعي البيئي فالأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود، كما نتمنى من محبي الرحلات أن يقوموا بدورهم من ناحيتين:

أن يحافظوا على بيئتهم، بأن يتركوا المكان بعد رحيلهم كما كان عند قدومهم، إن لم يكن أفضل، فهذا المكان لهم وسيعودون له عاجلاً أم آجلاً، وأن يقوموا أثناء رحلاتهم بواجبهم في النصح والتوجيه.

أعرف أحد الكبار كلما خرج في رحلة برية، بدأ في مناصحة من يرى منهم ممارسات تدل على قلة الوعي، فإن لم ير تفاعلاً بدأ بالتنظيف ومعالجة الوضع.

shlash2020@