هديل علي العيسى

الخلاف أمر طبيعي بين البشر ولكنه قد يتطور ليصبح صراعا بين المُنظمات في بيئة العمل. وقد يولد مشاعر غضب وكره بين الموظفين، مما قد يؤدي إلى تأخير وتعطيل العمل. تحدث هذه الصراعات نتيجة لاختلاف المفاهيم والأهداف غير المتفق عليها بين المجموعات.

حسب دراسة عالمية أجرتها شركة الموارد البشرية على موظفين أمريكيين، للأسف يقضي الموظف فيما يقارب ساعتين في الأسبوع للتعامل مع هذه الخلافات. وقُدرت الخسائر الناتجة عن النزاعات في العمل بمقدار 359 دولارا أمريكيا سنوياً. وكانت الأسباب الأساسية منها عن طريق خلافات شخصية (49%)، ويليها التوتر في بيئة العمل (34%)، وضغط العمل المستمر (33%).

هناك أيضاً أنواع وأشكال مختلفة لنزاعات منها الخلافات الجوهرية، التي تحدث نتيجة لاختلاف في وجهات النظر والآراء المختلفة في قرار جماعي. وغالباً ما تكون هذه الخلافات مفيدة؛ لأنها تساعد في اتخاذ قرار فعال وتجبر الأطراف المختلفة على التعبير عن أفكارها بوضوح. هناك أيضاً صراعات أخرى على الصعيد الشخصي أو العاطفي، مما يسبب توترا وإحباطا بين الموظفين، وعندها يكون ذلك مؤشراً سلبياً. ويشمل ذلك ردود فعل مؤذية أمام الآخرين. بالإضافة إلى نزاعات العملية، التي تحدث عن طريق خلاف بالرأي فيما يتعلق بكيفية العمل أو إدارة المسؤوليات. فلذلك النزاعات مختلفة قد تكون إيجابية أو سلبية، ولكن السؤال هنا: ما هي الأسباب خلف هذه الصراعات؟

بالواقع هناك عدة أسباب، ومنها عدم وضوح الأهداف أو وسائل تحقيق الأهداف. أيضاً الإتكال والتخلي والهروب من المسؤوليات، الاختلاف في أخلاقيات العمل، بالإضافة إلى ضغط العمل المستمر ومشاكل التواصل وردود الفعل المدمرة مما ينتج ردود فعل سلبية تؤثر على العمل. لذلك عندما تنشأ الخلافات بين الموظفين أو المنظمات علينا أن نحسم هذه النزاعات بطريقة سليمة عن طريق إستراتيجيات مختلفة منها التكيف أو التجاهل عندما يكون الاختلاف غير مهم ولا يؤثر على العمل. وأيضاً التعاون وقبول اختلاف وجهات النظر والسعي لإيجاد حلول بديلة ترضي الطرفين. وفي حالة وجود اختلاف يجب حله مباشرة، وقد يؤثر على إنتاجية العمل، فإن التفاوض والتسوية هي الإستراتيجية الأفضل وتشمل:

• الاتفاق على طريقة لحل الخلاف قبل حدوثه مع وضوح الأهداف الأساسية.

• التأكد أن كل شخص يعلم جيداً مسؤولياته مما يؤدي إلى توضيح الأمور وتنجب النزاعات.

• معرفة أساس المشكلة، وقد يكون سببها من الأنظمة التشغيلية الخاطئة أو عملية إدارتها.

• التفكير في طريقة حل المشكلة بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين.

• تخفيف الضغط على الموظفين وإعطائهم حرية الرأي.

هناك أيضاً طرق بديلة لحل وفض المنازعات، ومنها تدخل أطراف محايدة أو وسيط يبادر بالتوصيات ونصائح لتسوية الخلاف. وهناك أيضا طريقة تسمى التحكيم، وهي ببساطة تكون السُلطة مع الطرف الثالث وهو المُحكم وهناك عدة أنواع لها ومنها:

• التحكيم الملزم، يتفق جميع الأفراد على الاتفاق المسبق بقبول شروط المُحكم.

• التحكيم التطَوعي، تكون لكلا الطرفين الحرية في القبول أو الرفض على الاتفاقية المقترحة من قبل المُحكم.

• التحكيم الوسطي، تتيح للمُحكم بفرض أي شرط فيه مصلحة عامة للطرفين.

في المقابل توجد عدة فوائد لتعزيز النزاعات، ومنها تحسين جودة القرارات التنظيمية، حيث إنها تُوضح المشاكل التي لم يتطرق لها أحد من قبل، وتُعزز الأفكار الجديدة، وبالتالي تسهل التغيير للأفضل. عندما سُئل هاورد شولز الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الكبرى عن رأيه في النزاعات والنقاش، قال: «إذا لم يكن هناك توتر، فلا أعتقد أنك سوف تحصل على أفضل نتيجة». لذلك على المنظمات حُسن إدارة النزاعات والخلافات الداخلية والاستثمار في بناء وعي الموظف وتقوية الثقافة بين الموظفين لبناء علاقات أفضل وتطوير طاقات الإنتاج والإبداع.