علي سعيد القحطاني

اختلاف الآراء بين البشر من الأمور الطبيعية، كما اختلافهم في الشكل واللون والبنية الجسمية والعادات الاجتماعية وفي المعتقدات الدينية، كما قال تعالى: (ولو شاء ربُّك لجعل النَّاس أُمَّة وَاحِدَة).

ولكن بالرغم من معرفتنا ذلك إلا أن كثيرًا من الناس لا يقبل الاختلاف بكل أشكاله لأسباب كثيرة من أهمها قصور في ثقافة الاختلاف.

إن الاختلاف بالرأي يمثل انعكاساً لصور إنسانية وإيجابية، لأنها تكون ناتجة من تجارب شخصية أو مجتمعية شكلت رؤى خاصة حول موضع ما، وتختلف هذه الرؤى من شخص لآخر، ولكن عندما يتم احترام جميع الآراء، فإن هذا الاختلاف سيكون أداة بناء لأي مجتمع.

قبل انطلاق العام الدراسي ونحن نرى آراءً كثيرة تشكلت حول شكل التعليم، الذي يجب أن يكون، وبعد إعلان وزارة التعليم أن التعليم سيكون عن بُعد، ارتفعت الأصوات المُنادية بالعودة للتعليم الحضوري، وهذا رأي يجب علينا جميعًا احترامه، لأن الواقع يقول أن التعليم الحضوري أكثر جدوى بكل المقاييس، كما يجب أن تكون عملية احترام الآراء متبادلة بين جميع الأطراف.

وهذا ما لا نراه فيمن يشن حرباً على أسلوب التعليم عن بُعد، وعلى كل مَنْ ينتسب للتعليم، فكأنهم يقولون لا نرى إلا ما نراه مناسبا لنا.

أتعجب من الميزان، الذي استخدمه البعض ممن ينادون بعودة التعليم الحضوري، كيف رجحت كفة التعليم الحضوري على كفة سلامة أبنائنا الطلاب.

عجبي الكبير من قلة من الآباء والأمهات وأكرر هنا أنهم قلة، عندما تحاورهم بهذا الشأن يقولون لك وبكل بساطة «تعبنا من تدريسهم ومتابعتهم»، أتغامر بسلامة أبنائك لشراء راحتك!! نحمد الله أن الأمر في هذا القرار ليس بيدهم.

قد تتساءل عزيزي القارئ عن سبب وصفي لمحاولتهم إثبات أن رأيهم هو الأنسب بحرب، لأنها تحولت في حقيقة الأمر من مجرد رأي إلى أسلوب هدم، هذا الأسلوب نراه في مواقع التواصل الاجتماعي تحت العديد من الوسوم، تجدهم في هذه الوسوم سعيدين ومتهكمين بالمشاكل التقنية، التي صاحبت إطلاق منصة «مدرستي»، وكذلك تطبيق «توكلنا»، كما تجدهم أكثر سعادة باقتناص بعض الأخطاء، التي يقع فيها بعض المعلمين المشاركين في شرح وتصوير الدروس عبر قنوات «عين».

لا أعلم حقًا كيف يرغب مَنْ يبث هذه الرسائل السلبية بأن يستفيد ابنه أو ابنته من هذه المرحلة وهو يشوهها ليل نهار أمام أبنائه ومجتمعه.

أنا هنا في هذا المقال لست مدافعًا عن أحد، لأن هذه المرحلة لم تكن خيارا، بل كانت أمرًا فرض علينا جميعًا وعلينا التعامل معه وفق معطياته والمساهمة قدر الإمكان كُلٌ من موقعه من أجل حصول أبنائنا وبناتنا على القدر الكافي من التعليم.

البعض أخذ هذا الأمر إلى خط تصفية الحسابات مع وزارة التعليم على حساب المصلحة العامة، فهذا أمر غريب لأننا جميعًا الآن في مهمة وطنية هدفها حصول أبنائنا وبناتنا على تعليم جيد يخدمهم ويخدم وطنهم في المستقبل القريب.

وهنا فأنا لست مدافعاً عن وزارة التعليم، ولكن الواجب هنا يدعونا أن ندعم كُل الجهود سواء كانت من وزارة التعليم أو إداراتها أو مدارسها أو معلميها، لكي نعطيهم الفرصة الكاملة لتحقيق جميع الأهداف، التي رسمُوها لهذه المرحلة، وبعد انتهاء هذه المرحلة سنقيّم جميعًا هذه المرحلة بكل تفاصيلها وخططها، فإن نجحت هذه المرحلة سنبارك لقيادتنا الرشيدة ولأنفسنا ولمجتمعنا ووطننا هذا النجاح، وإن فشلت في تحقيق أهدافها فكلنا ثقة بأن المُقصر سيكون تحت طائلة المحاسبة.

والقرار اليوم لنا جميعًا، هل نكون أداة بناء لوطننا أم أداة هدم له؟.

@ali21216