أنيسة الشريف مكي

ليتنا كآباء وأمهات نغتنم كل المناسبات الدينية والتاريخية ونجعل أبناءنا يشعرون بها كواقع تاريخي ديني مرتبط بهم إلى يوم يبعثون.

الهجرة النبوية المباركة، من مكة المشرفة إلى المدينة النبوية، حدث عظيم قلب موازين التاريخ، وغير وجه البشرية، وحول مسيرة الحياة ومناهجها، وكان سبيلا إلى إنشاء دولة الإسلام، حيث شع نور الإسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجا.

حبذا لو نستغل هذه المناسبة ونذكرهم بالمعجزات فلا قوة في الأرض بعدها تستطيع أن تشككهم في دينهم.

المعجزات والخوارق في عهد نبينا الكريم كثيرة والأطفال تنطبع في ذاكرتهم القصص الخيالية فما بالك بالمعجزات الحقيقية؟!

أي معجزة عجيبة تلك التي أعمت أبصار كفار قريش عن رؤية النبي عليه السلام وهم يحاصرونه، يذر التراب ويمضي؟!!

وهذا العنكبوت الضعيف، في معجزة أخرى ينسج خيوطا على باب الغار في أقل من سويعات.

وأعداء الرسول يصعدون الجبل ويقفون على الباب فلا يحني أحدهم رأسه لينظر من في الغار معجزة أخرى، وفرس سراقة تمشي في أرض صلبه فتغوص قدماها في الأرض. وشاة أم معبد الهزيلة يتفجر ضرعها باللبن والمعجزات كثيرة.

نحن مقصرون مع أبنائنا، ظروف الحياة ومادياتها أبعدتنا كثيرا عن مسئوليتنا، كم يؤلمني أن يمر بعضنا على مثل هذا التاريخ مرور الكرام.

أحداث الهجرة النبوية تضمنت العديد من الدروس، فالتضحية مثلا درس من الدروس علمنا إياه رسولنا الكريم عليه السلام، ضحى ببلده مكة المكرمة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» غادرها مضحيا في سبيل دين الله ونشر رسالة الإسلام.

مكث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في مكة يدعو قومه للهدى، ودين الحق سنوات طويلة، فاضطهدوه، وعذبوا أصحابه فلم يكن ليثنيه كل ذلك عن دعوته، بل زاده إصرارا «فلم ييأس».

وخرج للطائف باحثا عن أرض صالحة للدعوة، لكنهم قذفوه بالحجارة، ولم ييأس!

ومن الدروس أيضا التي تجلت من خلال هذه الهجرة، حسن الصحبة والحب، صحبة الصديق وحبه للرسول عليه السلام.

وفي التضحية أيضا أم سلمة، أول امرأة مهاجرة في الإسلام، بنو أسد تجاذبوا طفلها حتى خلعوا يده، وضحت، فجمع الله شملها بولدها وزوجها في المدينة، وصهيب الرومي تخلى عن ماله وذهب مهاجرا بدينه.

ويتجلى دور المرأة من خلال الدور الذي قامت عائشة، وأختها أسماء رضي الله عنهما، حيث كانتا نعم المعين، ولم تفشيا سرا، ولم تتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزا كاملا، وهناك نساء أخريات.

حتى الأطفال!! عبدالله بن أبي بكر، يذهب للغار بسحر، ويبات بمكة، فلا يسمع أمرا إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر.

وعلي بن أبي طالب يكلف بالنوم في فراش النبي ويضرب أروع الأمثلة في الشجاعة. كل هذه العبر والدروس يجب أن يعرفها أبناؤنا.

aneesa_makki@hotmail.com