وول ستريت جورنال - مجلس التحرير ترجمة - نورهان عباس

التزام أمريكا بمسؤوليتها نحو الجزيرة يجب أن يكون قضية أساسية في الحملة الرئاسية

تزداد التهديدات التي يوجهها الحزب الشيوعي الصيني لهونج كونج يومًا بعد يوم. وكان آخر مظاهر هجوم الصين على هونغ كونغ، التي كانت مدينة حرة من قبل، هو القبض على مجموعة من المطالبين بالديمقراطية بما فيهم الإعلامي جيمي لاي. والآن ينظر المتشددون في بكين إلى تايوان باعتبارها وجهة الهجوم التالية بعد هونغ كونغ.

فبالنظر إلى إمكانية حدوث حرب بسبب قضية تايوان في السنوات الأربع المقبلة، فإن طبيعة التزام أمريكا بقضية الجزيرة يجب أن يكون أكثر من مجرد تنديد عابر بالجرائم الصينية هناك ضمن حملة الرئاسة الأمريكية لعام 2020.

ولطالما تم الاعتراف بأهمية تايوان بالنسبة لتحالفات أمريكا في المحيط الهادئ. وإذا سمحت الولايات المتحدة بوقوع تايبيه (عاصمة تايوان) تحت سيطرة بكين، سواء بشكل رسمي أو بحكم الأمر الواقع، فإن دولًا أخرى مثل فيتنام ستشك في مدى التزام أمريكا نحو استقلالها وتقترب أكثر من الصين.

وإذا تمكنت بكين بعد ذلك من إبعاد حلفاء آخرين أساسيين مثل اليابان عن صف الولايات المتحدة، فسيكون الحزب الشيوعي الصيني في طريقه إلى الهيمنة الإقليمية.

وإلى جانب الإستراتيجية الكبرى التقليدية التي تتبعها تايوان، تتمتع الدولة الآن بأهمية خاصة بسبب براعتها التكنولوجية. وذلك لأن شركة تي أي أم سي TSMC، ومقرها تايوان، هي الشركة الرائدة عالميًا في تصنيع أشباه الموصلات، وهي تعمل على تعزيز مكانتها، كما ارتفعت أسهمها هذا الصيف، بينما أعلنت شركة إنتل Intel ومقرها الولايات المتحدة مؤخرًا أنها قد تترك مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية.

وهذا يضع تايوان في قلب التنافس التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين، حيث تهدف الصين إلى قيادة العالم في منتجات التكنولوجيا الفائقة، واعتمدت في ذلك على رقائق الكمبيوتر التي تنتجها شركة تي أس أم سي. وتسعى الولايات المتحدة أيضًا إلى استمالة تي أس أم سي في صفها، وأعلنت الشركة التايوانية في مايو الماضي أنها ستفتح مصنعًا في ولاية أريزونا الأمريكية.

وتجعل العقوبات الأمريكية من المستحيل على شركة هواوي الصينية شراء رقائق من شركة تي أس أم سي التايوانية. وتكهن العالم السياسي جراهام أليسون Graham Allison بأن بكين قد ترى التنافس التكنولوجي مع أمريكا كسبب وجيه للسيطرة على تايوان وشركتها الرئيسية بالقوة.

وهو ما يعيدنا إلى الحديث عن السياسة الأمريكية مجددًا، حيث تكثف الصين مناوراتها العسكرية بالقرب من تايوان، وتستخدم الإكراه أو حتى الهجوم لفرض سيطرتها على الجزيرة، وهي قضية يجب أن تحتل أولوية عالية بين أزمات الأمن القومي، التي قد يواجهها الرئيس الأمريكي المقبل.

وأوضحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهجها السياسي في هذه القضية إلى حد ما. ووافقت على بيع طائرات أف-16/ F-16 المتطورة إلى تايوان بعد رفض إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لذلك، وتدرس واشنطن حاليًا إمكانية بيع طائرات استطلاع بدون طيار من طراز سي جارديان SeaGuardian وكذلك صواريخ وألغام للجزيرة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع قبل الماضي، قام وزير الصحة والخدمات الإنسانية، أليكس أزار Alex Azar، بزيارة تايبيه في حدث نادر ومهم سياسيًا لتقديم الدعم على مستوى مجلس الوزراء الأمريكي للجزيرة.

ومع ذلك، فإن علاقة الرئيس ترامب مع الحلفاء تثير قلق بعض التايوانيين. وقد يؤدي اندفاع ترامب نحو سحب القوات الأمريكية من بعض الدول الآسيوية - بما في ذلك التهديد بسحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية - إلى تشجيع بكين على فرض سيطرة أكبر في المنطقة.

على الجانب الآخر، تتمثل إحدى الخطوات المثمرة التي قد تتخذها إدارة جو بايدن المرشح المحتمل لرئاسة أمريكا على هذه الجبهة في الانضمام وإعادة التفاوض على دخول اتفاقية «الشراكة العابرة للمحيط الهادئ للتجارة» أو Trans-Pacific Partnership on trade، وذلك بهدف تقوية التحالفات الأمريكية في آسيا وفتح الباب أمام تايوان إذا رغبت في الانضمام. ورغم أن الصين ليست جزءًا من الشراكة العابرة للمحيط الهادئ إلا أن ترامب هو الآخر انسحب من الاتفاقية.

والسؤال الرئيسي الآن: هل ستعود إدارة بايدن- في حال فوزه بالرئاسة الأمريكية- إلى استراتيجية إدارة أوباما التي لا تنحاز لتايوان خوفًا من الإساءة إلى بكين؟.

للإجابة عن هذا السؤال يقول أنتوني بلينكين Antony Blinken، مستشار السياسة الخارجية لبايدن، الذي من المحتمل أن يكون له منصب رفيع في إدارة الرئيس المحتمل المقبلة، في مقابلة مع شبكة سي بي إس في مايو: إنه «يأمل أن تتمكن الولايات المتحدة من استعادة التوازن في علاقتها مع الصين وتايوان». ولم يصرح بلينكين ما إذا كان بايدن سيجري مكالمة هاتفية مع رئيس تايوان أم لا.

وكان بايدن يتمتع بغرائز السياسة الخارجية الحذرة لعقود، وفي عام 2001 وبخ الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش لقوله إن «الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا تعرضت للهجوم». لكن الآراء الشعبية وأفكار النخبة الأمريكية بشأن الصين تغيرت منذ ذاك الحين، حيث أصبحت بكين أكثر عدوانية بشكل علني، وكتبت ميشيل فلورنوي Michèle Flournoy، المرشحة بقوة لمنصب وزير الدفاع في إدارة بايدن المحتملة المقبلة، مؤخرًا عن ضرورة استخدام الردع الأمريكي القوي في غرب المحيط الهادئ.

ختامًا، يجب الضغط على المرشحين للرئاسة الأمريكية لشرح وجهات نظرهم بشأن تايوان بوضوح، وبما يتجاوز الحديث المبتذل حول المشاعر الدافئة التي يشعرون بها نحو القضية التايوانية، حيث تقع الجزيرة في مركز التنافس بين القوى العظمى، ويستحق الناخبون الأمريكيون أن يسمعوا كيف سيتعامل رئيس الولايات المتحدة المقبل مع هذا الملف.

تايوان تقع في قلب الصراع التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين