علي سعيد القحطاني

لا يخلو مجال من مجالات الحياة اليومية من المشاكل والتعقيدات، ومع مرور الوقت يتم تجاوز كل المشكلات، وينشأ غيرها.

والأكيد أن هذه المشاكل والعقبات لها أهمية كبيرة في حياتنا، فهي محك رئيسي يتم من خلاله اختبار مدى قوة ومتانة خططنا، كما أنه محورٌ أساسي لتقويم خططنا الماضية ولرسم خططنا المستقبلية.

ومما تقدم نستنتج أن المشاكل والعقبات جزء من حياتنا لا نستطيع تجنبها بل نعيشها ونتعايش معها ونستفيد ونتعلم منها.

والسؤال المهم هو كيف نستطيع أن نستفيد منها ونحن نتجنبها؟!

نعم نحن في واقعنا هذا وبالأخص في مجال التعليم احترفنا استراتيجية تقاذف المسؤولية، فنجد عند وقوع أي مشكلة تقاذف المسؤولية بين جميع الأطراف.

سأروي بعض الأمثلة لمثل هذه الحالات:

في بداية كل عام تظهر مشكلة قبول ونقل الطلاب بين المدارس فنجد الأب يلوم المدرسة على عدم قبول ابنه، والمدرسة تعلل بأن السبب في ذلك ازدحام المدرسة وتأخر الأب في تسجيل ابنه، فيرمون الكرة على مكتب التعليم أو إدارة التعليم، وبمراجعة هذه الإدارات تجد أن المشكلة من وجهة نظرهم تكمن في تعنت قادة المدارس أو أنصبة المدارس من الفصول.

مثال آخر عندما تتأخر الكتب في الوصول للمدرسة، يتأخر بعض المعلمين عند البدء في الشرح معللاً ذلك بأن الخلل من الوزارة وهي السبب في هذا التعطيل، مع أن حقيقة الأمر أن الكتاب المدرسي هو جزء من العملية التعليمية وليس محورها الأساسي ونستطيع الاستعانة ببدائل عنه حتى تستمر العملية التعليمية بنجاح، ولكن ما زال البعض يتوقف عند أخطاء الآخرين حتى لا يعمل.

والأمثلة على ذلك تطول وتطول وسأكتفي بالأمثلة السابقة.

إذاً ما هو الحل؟

ماذا لو توقفنا جميعاً عن اختلاق الأعذار وتوجيه المسؤولية للغير، وبدأنا بمحاسبة أنفسنا والبحث عن الخلل من جهتنا فيقوم على سبيل المثال لا الحصر:

- المعلم بعمله التدريسي من اليوم الأول ويواجه بكل قوة جميع المشاكل التي يراها في الميدان ويقوم بالبحث عن حلول لها من جهته هو، وكيف يستطيع أن يصلحها بغض النظر عن مسؤوليات الأطراف الأخرى.

- كما يقوم الجهاز الإشرافي وقائد المدرسة بمحاسبة أنفسهم عند وقوع خلل أو مشكلة لأحد معلميهم أو مدارسهم، فيبحث عن القصور الذي حدث من جهته قبل أن يحاسب المعلم، ويسأل نفسه ما الخلل في عملي ومتابعتي الذي أدى إلى وقوع مثل هذه المشكلة.

كُل هذه الأشكال يستحيل تطبيقها دون خطة عمل جادة لأن مثل هذه التصرفات تكون جزءا من ثقافة الموظف، لذلك من الواجب علينا أن نحاول تعديل هذه الثقافة بفرض آليات عمل تضمن توجيه الموظفين إلى محاسبة أنفسهم قبل اختلاق الأعذار وتقاذف المسؤولية.

نتمنى أن تكون الخطوة الأولى لتطبيق مثل هذه الإجراءات أن يصدر معالي وزير التعليم توجيهاً بأن يتم تحديد مسؤوليات جميع الأطراف من مقام الوزارة إلى آخر حلقة في التعليم في حال حدوث أي مشكلة ولو كانت صغيرة، لأن مثل هذا التوجيه يلزم الجميع بتحديد مسؤولياتهم بغض النظر عن المتسبب الرئيسي للمشكلة.

الكثير من المشاكل التي وقعت في السنوات الماضية كنا نرى إدارة التعليم تسعى لإصدار بيانٍ في ظاهره أنه يحدد المتسبب ويصف المشكلة ولكن في باطنه الهروب من المسؤولية، فلم نجد مسؤولاً يقدم اعتذاره ويعترف بأن هذه المشكلة وقعت نتيجة سلسلة الإهمال من إدارته وموظفيه.

@ali21216