بقلم - مجلس تحرير وول ستريت جورنال

بريطانيا تعيد النظر في الترحيب بالـ 5G بينما تخضع ألمانيا لبكين

عندما صوتت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، حذرت إدارة الاتحاد في بروكسل من أن بريطانيا المستقلة ستكون عرضة للإكراه على الدخول في صفقات بعينها من الدول الأكبر. ومع ذلك، تقف لندن الآن في وجه التنمر الصيني، في الوقت الذي يتوانى فيه الاتحاد الأوروبي عن التصدي للتوسع الصيني، وبكين لاحظت ذلك الأمر.

وحذر السفير الصيني لدى المملكة المتحدة ليو شياو مينغ Liu Xiaoming في الأسبوع الماضي من تغير شكل العلاقات بين البلدين، بقوله: «نريد أن نكون أصدقاء لبريطانيا. نريد أن نكون شركاء لكم»، وأضاف: «لكن إذا كنتم تريدون أن تجعلوا الصين دولة معادية، فسيتعين عليكم تحمل العواقب».

وكان التهديد مدفوعا بالتقارير التي تفيد بأن رئيس الوزراء بوريس جونسون قد ينهي دور شركة هواوي الصينية Huawei في طرح تقنية الجيل الخامس 5G في بريطانيا. وانتقد الكثيرون في حزب المحافظين إعلان جونسون في يناير أن المملكة المتحدة ستعطي هواوي دورا محدودا في شبكتها. لكن ضوابط التصدير الأمريكية، والمخاوف المتزايدة بشأن العداء الصيني والتجسس، تسببت في إعادة تقييم رئاسة الوزراء البريطانية للموقف برمته.

ولم يصدر جونسون إعلانا، لكن التقارير الصحفية تقول إنه يميل إلى استبعاد هواوي تماما. وكان القرار الأصلي لرئيس الوزراء يؤكد أن المملكة المتحدة عرضة للخطر في اتفاق الخمسة أعين لتبادل المعلومات الاستخبارية (وهو تحالف مخابراتى يشمل كلا من الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، كندا، أستراليا ونيوزيلندا)، بسبب علاقات هواوي بالحزب الشيوعي الصيني. والانقلاب على هواوي من شأنه أن يعزز قوة التحالف الناطق باللغة الإنجليزية.

وهذا مهم بشكل خاص لأن أوروبا تحت قيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتخذت مسارا مختلفا مع الصين. وفي وقت سابق من هذا العام، عارض الاتحاد الأوروبي الحظر التام على هواوي في تنفيذها لشبكة الجيل الخامس. وعلى الرغم من الخلاف في حزبها، لا تحب ميركل انتقاد بكين وستسمح لهواوي بتولي الشبكات الألمانية، ويتبعها في ذلك فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

إن الانقلاب في موقف المملكة المتحدة سيثير غضب الصين، لكن مصداقية بكين باتت قليلة بالفعل أمام لندن بعد تمرير قانون الأمن القومي الذي يقوض وعود الإعلان الصيني البريطاني المشترك لعام 1984، والذي وعدت الصين فيه بـ «دولة واحدة ونظامين» لحماية الحقوق المدنية لهونج كونج التي يعيش بها 7.5 مليون نسمة. فالنظام القانوني الجديد سيدمج هونج كونج -التي كانت مستعمرة سابقة للصين- مجددا مع البر الرئيسي.

ورد جونسون على خطوة الصين بعرض خطة لخلق مسار للمواطنة لحوالي ثلاثة ملايين من سكان هونج كونج. وانتقد السفير الصيني لدى لندن هذه الخطوة ووصفها بأنها تدخل في الشؤون الداخلية للصين وقال إنها «تدهس علنا على المعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية». وعادة ما تكون مثل هذه التصريحات بمثابة إعلان واضح بأن الصين نفسها تنتهك القانون الدولي.

وتتمتع الدول بحرية الترحيب بالمهاجرين -خاصة المضطهدين منهم- والصين خالفت بشكل واضح وعودها.

أما السياسة الأوروبية تجاه بكين، ولا سيما الألمانية، فمدفوعة بمصالح الأعمال، وذلك لأن معدات هواوي رخيصة بفضل دعم الدولة، والصين هي أكبر شريك تجاري لألمانيا. ولكن رغم أن الشركات الصينية استثمرت 8.3 مليار دولار في المملكة المتحدة العام الماضي، وبلغ إجمالي التجارة الثنائية حوالي 67 مليار جنيه إسترليني في 2018، لم تخف لندن من الدفاع عن مثلها العليا.

وأعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب Dominic Raab يوم الإثنين عن نظام عقوبات يستهدف منتهكي حقوق الإنسان في روسيا وميانمار وكوريا الشمالية. وقال راب «نحن نعمل بالفعل على ما قد تكون عليه الموجة التالية من التصدي لمنتهكي حقوق الإنسان». لافتا، إلى أن تصدي بريطانيا لمنتهكي حقوق الإنسان يجب أن يشمل أيضا الرئيس التنفيذي لهونج كونج كاري لام وغيرهم من المشاركين بقانون الأمن القومي، إلى جانب المسؤولين عن اضطهاد الأويغور.

إن الانقلاب على هواوي سيقلل من خطر التسلل الصيني لشبكات الجيل الخامس البريطانية ويفيد النظام العالمي الغربي الذي أمن الازدهار لمدة 75 عاما. ويجب أن تتذكر واشنطن مساهمات لندن وهي تتفاوض على الصفقة التجارية الثنائية المقبلة.