بقلم - روشيل توبلينسكي

المقرضون سيواجهون أزمات كبيرة في النصف الثاني من العام

يواجه المقرضون في القارة الأوربية النصف الثاني من العام بأكمله تقريبًا بعد توقف برامج التحفيز الحكومية التي خففت الضربة الأولية لأزمة فيروس كورونا المستجد، ورغم أن نتائج الأرقام الأولية تشير إلى أن نتائج الربع الثاني من هذه السنة لم تكن رائعة للبنوك الأوروبية، ولكن النصف الثاني هو الذي سيشهد أصعب اختبار للقطاع.

وتم سحق أرباح المقرضين الأوروبيين حتى الآن بالفعل بسبب التداعيات الاقتصادية للوباء العالمي. ومع ذلك، فلن يبدأ الكشف عن الحجم الحقيقي للضرر الذي تعرضت له تلك البنوك إلا خلال الأشهر المقبلة، مع إعادة فتح الاقتصادات الأوروبية وتوقف الحكومات عن تقديم بعض حزم الدعم الاستثنائي.

وأعلنت المملكة المتحدة عن خطة تحفيز بقيمة 38 مليار دولار هذا الأسبوع لمنح دفعة للشركات، بينما تتراجع الحكومة عن تقديم برنامج الدعم المخصص للاحتفاظ بالوظائف بين أغسطس وأكتوبر.

وحالت برامج الدعم الأوروبية، التي تساهم في توفير رواتب ما يزيد على 40 مليون عامل غاضب في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا حتى الآن دون ارتفاع معدل البطالة الرسمي الذي شهدته الولايات المتحدة.

ويمكن القول إن العدد الهائل من الموظفين المستعدين للعودة إلى وظائفهم سوف يقدمون المساعدة للشركات في إعادة تشغيل أعمالهم بسرعة أكبر، ومن المحتمل أن توفر بعض الوظائف القابلة للنمو، ولكن البعض الآخر من الوظائف سوف يختفي.

وتقدّر شركة التأمين أليانز Allianz أن 9 ملايين من الرقم الإجمالي البالغ 40 مليونًا يمكن أن نطلق عليهم وصف «وظائف زومبي»، حيث يتوقع لتلك الوظائف أن تزول بحلول نهاية العام المقبل.

وهذا يعني أنه سيكون هناك المزيد من الأوقات العصيبة المقبلة بالنسبة للبنوك الأوروبية، التي تعاني من التعثر بالفعل.

وحتى الآن تسببت أسعار الفائدة المنخفضة وحسومات الرسوم في تدمير إيرادات المقرضين في الربع الثاني من العام الحالي، على الرغم من أنه من المتوقع أن تسجل بعض المصارف، مثل: بي إن بي باريبا BNP Paribas وبنك باركليز Barclays تداولًا قويًا وأرباحًا في رأس المال السوقي، والتي يمكن بدورها أن تعوض ما شهدته تلك البنوك خلال الفترة الماضية.

لكن، وعلى الجانب الآخر، ستشهد مخصصات البنوك الأوروبية ارتفاعًا في خسائر الائتمان، ولكن الأرقام ستكون تقريبية في أحسن الأحوال.

وفي نفس السياق، لا تزال حزم دعم الأجور وإجازات الدفع تخفف من حدة الضربة الاقتصادية في العديد من البلدان الأوروبية. وحتى انتهاء فترة صلاحيتها تمامًا، لا يمكن للبنوك سوى تخمين المستوى الأساسي للضائقة المالية الشخصية والمؤسسية التي يمكن أن تمر بها بعد انتهاء حزم التحفيز الحكومية.

وفي النصف الثاني من العام الحالي، من المرجح أن تسبب الموجة المؤجلة من التخلف عن السداد في اقتطاع جزء كبير من أرباح البنوك الأوروبية الضئيلة بالفعل. وستكون البنوك الأكثر تضررًا هي البنوك التي لديها الكثير من الديون الاستهلاكية غير المضمونة، وتلك التي تقرض الصناعات المضطربة، مثل: السفر والمنتجات الاستهلاكية غير الأساسية والشركات العاملة في قطاع النفط والغاز. ويمكن أن يشكّل تعرض بنك باركليز لارتفاع ديون بطاقات الائتمان في كلٍّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عائقًا لزيادة أرباحه، على سبيل المثال.

أيضًا، سوف تتعرض احتياطات رأس المال للبنوك الأوروبية - التي تُقاس عادةً كنسبة من رأس المال الأساسي من المستوى 1 إلى الأصول المرجحة بالمخاطر- إلى ضربة من كلا الجانبين. فمن الجانب الأول ستقلل خسائر القروض من رصيد رأس المال الأساسي من المستوى 1، في حين أن تخفيض التصنيفات الائتمانية للمقترضين سيزيد من احتمالات المخاطر على القروض. ومن الجانب الثاني، ستنخفض مستويات رأس المال ومن المرجح أن يفقد المستثمرون أرباح الأسهم لبقية العام. ولكن قد يتجنبون وجود مطالب رأسمالية إضافية، ولكن على الرغم من ذلك يجب القول إن المنظمين الأوروبيين كانوا متعاطفين ومرنين في تطبيق قواعدهم خلال أوقات هذه الأزمة.

ومن المرجح أن تكون العوائد على الأسهم الملموسة بأرقام فردية منخفضة، وبأرقام أقل بكثير من متوسط تكلفة رأس المال للقطاع البالغ نحو 11٪، حسب تقديرات مؤسسة يو بي أس UBS مع وجود خيارات قليلة لتحسين الوضع الكلي. أيضًا، يمكن أن تظل أسعار الفائدة ثابتة بشدة على أرقام منخفضة في العديد من السنوات المقبلة. وقد يكون هناك المزيد من تخفيضات التكاليف، حتى بعد قضاء العديد من السنوات في عمليات إعادة الهيكلة.

وتعتبر رقمنة الخدمات الإضافية رافعة أساسية للقطاع، ولكنها تتطلب ضخ استثمارات، وغالبًا ما تستغرق وقتًا لتحقيق النتائج.

وقد تقدم عمليات الدمج بعض المساعدة للقطاع المصرفي الأوروبي. ولكن للأسف لا تزال السياسة ومجموعة من اللوائح التنظيمية في أوروبا تجعل عمليات الاندماج عبر الحدود غير محتملة إلى حد كبير، لكن الصفقات المحلية يمكن أن تحدث في أسواق مجزأة مثل ألمانيا وإيطاليا. وحتى هذا قد يكون صعبًا على المدى القريب، حيث لا تعرف العديد من البنوك الأوروبية قيمة دفاتر قروضها بالتحديد، ناهيك عن قيمة الأهداف المحتملة.

وفي النهاية، قد يجد المستثمرون القليل من الأخبار السعيدة في قطاع البنوك خلال موسم النتائج المقبلة. ولسوء الحظ، عليهم أن يعتادوا على هذه النوعية من الأخبار.