علي سعيد القحطاني

لا يختلف اثنان على أهمية التقنية الحديثة في وقتنا هذا، حيث اندمجت التقنية في كافة تفاصيل حياتنا، فلا نكاد نرى بالغاً أو طفلاً لا يقتني جهازا إلكترونيا متصلا بشبكة الإنترنت.

إن الثورة الحقيقية للبشرية هي ثورة التقنية والمعلومات والاتصالات التي تعدت كل التوقعات، حيث أصبح العالم يشهد تطورات مذهلة في هذه التقنية في كافة مجالاتها والتي بدورها جعلت حياتنا أبسط وأعمالنا أكثر تفوقاً وإنجازاً.

في وطننا الغالي ومع رؤيتنا الطموحة حققنا تقدماً كبيراً في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث أصبح الإنترنت يغطي كافة مدن المملكة بل وحتى القرى والهجر الصغيرة جداً.

وفي مجال التعليم لدينا ضخت حكومتنا الرشيدة مئات الملايين بل المليارات في سبيل توفير كافة الوسائل التقنية داخل المدارس والجامعات كل هذا من أجل تطوير ونهضة التعليم في وطننا الغالي الذي بنهضته ينهض الوطن.

إن عدم توظيف هذه الإمكانيات التقنية بالشكل الذي يتوافق مع معطيات الوقت الحاضر يتعارض كلياً مع رؤية المملكة 2030، حيث جاء في بند «الالتزام بكفاءة الإنفاق والتوازن المالي» أن نعمل على ترشيد الإنفاق وإلغاء الهدر المالي.

أعلم أن السؤال هنا «أين الهدر وما علاقة التقنية بذلك»؟

الجواب هو أننا ما زلنا نعمل في مدارسنا على استخدام التقنية وليس توظيفها ومن أمثلة ذلك ما يلي:

يصل في العام الواحد للمدرسة الواحدة ما يقارب 400 تعميم بمتوسط 5 ورقات للتعميم الواحد يتم طباعتها كلها إما للحفظ أو لاطلاع الكادر الإداري والتعليمي بمحتواها، وكذلك يتم طباعة السجلات الخاصة بالمعلمين والمعلمات والسجلات الخاصة بإدارة المدرسة لمتابعة الطلاب والطالبات بشكل يومي وشهري وفصلي. ولدينا ما يقارب 25 ألف مدرسة فيكون تكلفة ذلك ما يتجاوز الـ 20 مليونا بأقل تقدير تذهب ما بين ورق وأحبار وصيانة.

فهل نستطيع إيقاف هذا الهدر من خلال توظيف التقنية؟ نعم نستطيع ذلك من خلال حفظ التعاميم إلكترونياً، وكذلك تحويل التعاميم للمعلمين والمعلمات من خلال البريد الإلكتروني للاطلاع على محتواها، وأيضاً تحويل السجلات من ورقية إلى إلكترونية فقط.

والسؤال الأهم هنا: ماذا نحتاج لنطبق ذلك ولنوقف هذا الهدر؟

الجواب بكل بساطة وبدون أي تكلفة: توجيه المدارس بتفعيل هذه الإجراءات فقط.

مثال آخر على الهدر المالي بسبب عدم توظيف التقنية هو طُرق التواصل مع الأسرة أو ولي الأمر فأغلب مدارسنا إن لم تكن كلها تعتمد على رسائل SMS أو الاتصال المباشر في تواصلها وذلك ما يكلف المدرسة الواحدة ما يقارب ألفي ريال سنوياً على أقل تقدير، وبالتالي فإن ما يتم صرفه في هذا المجال سنوياً من جميع مدارس المملكة ما يقارب الـ 50 مليون ريال.

والسؤال المهم كما ذكرنا سابقاً ما هو الحل لإيقاف هذا الهدر؟

بكل بساطة تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل من خلالها، فلكل مدرسة حساب رسمي على منصة تويتر يتم إرسال أخبار المدرسة العامة من خلاله وكذلك من السهل التواصل مع الأسرة وولي الأمر بالأخص عبر تطبيقات مثل الواتس اب والتلقرام وغيرها من التطبيقات، كل ذلك لن يكلف أي شيء.

ومن الأمثلة الأخرى مطالبة المعلمين والمعلمات بطباعة تحضير الدروس اليومية على الورق وتقديمها لإدارة المدرسة، وأن متوسط ما يتكلفه المعلم والمعلمة سنوياً حوالي 200 ريال وبالتالي فإن ما يصرفه جميع المعلمين والمعلمات على هذا الأمر يفوق الـ 100 مليون ريال.

ويمكننا توفير ذلك بقبول تقديم تحضير الدروس تقنياً، حيث يستطيع المعلم والمعلمة إعداد التحضير على جهازهم الخاص ومشاركته مع قائد المدرسة والمشرف التربوي بضغطة زر ودون أي كلفة.

والأمثلة كثيرة مثل ذلك الهدر بسبب عدم التوظيف الأمثل للتقنية المتوفرة لدينا، إن ما نبحث عنه جميعاً هو استثمار كافة الوسائل والإمكانيات التي وفرتها حكومتنا الرشيدة بالشكل الذي يحقق أعلى فائدة وبأقل تكلفة وهو الأمرالذي استمددناه من رؤيتنا المباركة والطموحة، ومن ثم تحويل هذه الميزانيات التي تم توفيرها إلى أي بند آخر يخدم العملية التعليمية في المدرسة.

@ali21216