خالد الشنيبر

في الأسبوع الماضي رفض مجلس الشورى توصية تطالب وزارة الموارد البشرية بوضع سلم أجور للقطاع الخاص بما يتلاءم مع المؤهلات العلمية وتكلفة المعيشة، وتلك التوصية تم طرحها لأكثر من مرة خلال الدورة الحالية للمجلس ومن نفس العضو، وتكرارها ما هو إلا اهتمام من صاحب التوصية بما يخص الإصلاحات في سوق العمل.

كما جرت العادة مع قرب طرح مثل تلك التوصيات أو بعد الإعلان عن نتيجة التصويت عليها، نجد كثيرا من الردود المتباينة ما بين المؤيدين والمعارضين، ونرى اجتهادات كثيرة لربط هذا الموضوع مع موضوع آخر مختلف وهو الحد الأدنى للأجور والذي يستحيل تطبيقه في الوقت الحالي كما هو متعارف عليه حسب سياسة منظمة العمل الدولية، والذي يلزم تطبيقه على جميع العمالة بغض النظر عن جنسها أو جنسيتها، وسنجد أن المستفيد الأكبر هم العمالة الوافدة بما أنهم يشكلون النسبة الأكبر في سوق العمل السعودي.

الموضوع تحول لموضوع شعبوي أكثر مما هو موضوع اقتصادي مختص بأساسيات سوق العمل وممارسات الموارد البشرية الأساسية، وأعتقد أن التوصية بحاجة لطرحها بشكل أوسع وأوضح مما يعزز من قبول مناقشتها في مجلس كمجلس الشورى، وكوجهة نظر شخصية أرى أن التوصية الأشمل والأفضل كبديل عن تلك التوصية هي مطالبة وزارة الموارد البشرية بالعمل على برنامج لإلزام تطبيق ممارسات الموارد البشرية في القطاع الخاص بالشكل الصحيح، وأيضا وضع تصنيف لمنشآت القطاع الخاص وفقا لتطبيق ممارسات الموارد البشرية فيها، ومن المهم أن يتم ربط هذا التصنيف بحوافز فعلية لتلك المنشآت وأولها برامج دعم أجور الموظفين، وبذلك سنستهدف تحفيز رفع الأجور بالقطاع الخاص وبشكل تدريجي وتلقائي بسبب ترقية سوق العمل وهذا ما نحتاجه فعليا.

هناك العديد من ممارسات الموارد البشرية لو تم تطبيقها بالقطاع الخاص سيكون ذلك داعما لتحسين أجور الموظفين تدريجيا، وداعما لزيادة معدلات الاستقرار الوظيفي مما يعزز من تسريع عملية إحلال الكوادر السعودية، وسيزيد ذلك من إنتاجية الموظفين وبشكل ملحوظ، وبنفس الوقت سيساهم تطبيق تلك الممارسات في «التحجيم الصحيح» لعدد كبير من منشآت القطاع الخاص مما يؤدي ذلك لعمل توازن في تركيبة القوى العاملة.

أغلب القرارات المؤثرة على سوق العمل في السنوات الأربع السابقة كانت تستهدف تقليل الفجوة بين تكلفة توظيف السعوديين وغير السعوديين، وبشكل واضح من خلال إحصائيات ونشرات سوق العمل تبين لنا أن العلاقة بين توظيف السعودي وغير السعودي هي علاقة طردية بحتة وليست عكسية، ولذلك من المهم الحذر عند التعامل مع هذا الملف «مدة وآلية»، وعدم الاعتماد فقط على أساس الأجر لأن المسألة هي تشوهات في سوق العمل تحتاج لترميم وترقية.

أستغرب بأن البعض يشكك في العلاقة بين سياسة العرض والطلب وتأثيرها على الأجور في القطاع الخاص بالرغم من أن تلك العلاقة هي أوضح علاقة ممكن استنتاجها في سوق العمل، وباختصار هي المعيار الوحيد المؤثر على أجور القطاع الخاص في الوقت الحالي، وهذا المعيار قد نجد بسببه تشوهات وحالات نادرة في سوق العمل، فعلى سبيل المثال وصل أجر وظيفة «معقبي العلاقات الحكومية» في العام الذي تم تطبيق فيه مهلة «تصحيح العمالة» لأرقام أعلى من وظائف المهندسين في التخصصات النادرة وأعلى من متوسط الأجور في سوق العمل بشكل كبير، والسبب في ذلك كثرة الطلب على الوظيفة والتي لا يمكن شغلها إلا من خلال كوادر سعودية بالإضافة لقلة «المتخصصين والمميزين فعليا» في هذا المجال، وهناك أمثلة أخرى كثيرة على ذلك.

ختاما: من المستحيل تطبيق سلم أجور موحد على سوق العمل بالكامل، فهناك عناصر كثيرة يعتمد عليها تحديد الأجر لكل وظيفة ومن أهمها على سبيل المثال «تقييم الوظيفة، حجم ونشاط المنشأة الاقتصادي، موقع المنشأة جغرافيا»، والمسألة ليست كما يتخيلها البعض بربط الأجر بمؤهلات أو تكاليف المعيشة فقط.

@Khaled_Bn_Moh