عبدالعزيز الذكير يكتب:

تقهو، تفضل نقهويك، القهوة، يقولها من يرغب استضافة آخر. وحتى لو اجتمع الاثنان يتناولان شايا فقط، ولا وجود للقهوة.

أروني شخصا ذكرا أو أنثى شابا أو شابة من أهل العصر يستطيع، أن ينتظر قهوته أثناء إعدادها على النار، ويزيدها - في كل مرحلة- بهارا إضافيا في فترات محسوبة بدقة.

عند العرب نصف لذة القهوة في حركات إعدادها.

الذين قرؤوا قصيدة الشاعر المشهور المرحوم محمد العبدالله القاضي سوف يجدون أن نصف المتعة يأتي من إعدادها وتحضيرها أمام الضيف، ولا مجال لخدمتها أو «صبها» من طبخة قديمة.

دقه بنجر (ن) يسمعه كل مشتاق + راع الهوى يطرب إلى طق بخفوق.

إلى أن يقول

خله تفوح وراعي الكيف يشتاق..

متأكد أنا أنكم لاحظتم عملية شوق الانتظار. وهذا ما جرى عليه عرف الضيافة ولا يزال البعض متمسكا به حتى يومنا هذا. وهو طبع جميل وإن لم نحتفظ به فعلى الأقل نديم ذكره.

محبو الشعر الوصفي يعشقون قصيدة القاضي، واتفقوا على ذلك. غير أنهم اختلفوا على مناسبة القصيدة تلك. قال البعض إنها نتيجة رهان بين الشاعر القاضي ونفر من جلسائه بأن ينظم قصيدة في القهوة فقط، ولا يتطرق إلى الهوى والحب والغرام والغزل. وقبيل نهايتها دعوا فتاة من داخل البيت أن تمر بالجلوس ليراها الشاعر فلا يستطيع التخلص من شعور الغزل ووصف الجمال. فعلوا ذلك، وبعد أن رأى الشاعر جمالها ومشيتها عند مرورها أكمل قصيدته بالغزل حيث قال:

يحتاج من خمر السكارى ايلا فاق.

طفل تمص اشفاه والعنق مفهوق.

يمشي برفق خايف مدمج الساق.

يفصم حجول ضامها الثقل من فوق.

وقيل إن الشاعر خسر الرهان..

لكن القصة جرى نقلها وخصوصا في عهدنا الحالي في الطروحات التراثية عبر الفضائيات ووسائل الاتصال دون تحقيق أو تمحيص، وتلك لم يسندها حضور، أو ذرية حضور، ومن هم أولئك النفر ومن هو صاحب المنزل الذي دعا الفتاة من داخل المنزل لتتمايل أمام الشاعر، وأين حارته ومنزله، وهل له ذرية يؤيدون ما جاء في تلك القصة؟ ولم يخش الألسنة في زمن كان الستر والتحفظ عنوان المجتمع.

A_Althukair@