لمى الغلاييني

بالنسبة لبعض الأشخاص، لا يشكل النهوض من السرير أي مشكلة، بخلاف البعض الآخر الذين يرونه أمرا في غاية الصعوبة، وإذا كنت تنتمي إلى تلك الفئة التي تستمر تحت الغطاء حتى بعد توقف رن جرس المنبه متمنيا لو أنه يوم عطلة، ثم تسحب نفسك خارج السرير بامتعاض بعد الرنين الثالث لإيقاظك، فهذا المقال موجه لك، وقد يهمك أن تعالج سرعة استيقاظك بإضافة نكهة الإيكيغاي لصباحك، فهي كلمة يابانية تصف فلسفة البهجة ومعنى الحياة، ويمكن استخدامها للأحداث البسيطة اليومية وللأهداف والإنجازات الكبرى على حد سواء، حيث يمكن للإنسان أن يحظى بالإيكيغاي في حياته دون أن يترافق ذلك بالضرورة مع النجاح المهني. ويمكننا القول إن الإيكيغاي يؤدي إلى النجاح، والعكس غير صحيح، بمعنى أن النجاح ليس شرطا ضروريا لتوافر الإيكيغاي، فهي حالة متاحة لكل شخص، وتهتم الإيكيغاي في تعزيز طقوسك اليومية بأمور بسيطة ومعان جميلة تمنحك سببا مبهجا للنهوض من الفراش، فهي تشجعك على إيجاد حوافز تفتح شهيتك على الحياة وتجعلك تواقا لملاقاة اليوم الجديد، حيث يعتبر النهوض الباكر ركنا جوهريا في فلسفة الإيكيغاي التي تثمن عاليا قيمة تقدير البدء بالأشياء الصغيرة، ففي هذا العالم الذي تحدد فيه قيمتنا الشخصية وتقديرنا لذاتنا بضخامة إنجازاتنا وقيمة استثماراتنا، سيتواجد العديد من الأشخاص المنهكين نفسيا تحت ضغوط تلك المفاهيم، وهنا يأتي دور استكشاف مفهوم ikigai والأسئلة التي تطرحها مما سيساعد في العثور على سبب وجيه للقفز من السرير والانطلاق للسعي اليومي برضا، ولهذا فقد تم اختزال المفهوم بالكامل إلى أربعة أسئلة: ماذا تحب، ماذا تجيد، ما الذي يحتاجه العالم منك؟ وما الذي يمكن أن يدفع لك من أجله؟ وحين تتمكن من إيجاد إجاباتك المشبعة للأسئلة السابقة فإن كل أمر سيستقر في مكانه، وستعيش حالة عالية من التدفق، وهي مشاعر الاندماج المفرط في المهمة لدرجة الانفصال عن المحيط تماما، فإذا حققت هذه الحالة «التدفق» كما فسرها عالم النفس ميالي تشيكسينتيميالي، ستفهم جوهر الإيكيغاي، وستصبح الأعمال اليومية ممتعة. ولن تشعر أن عملك أو جهدك يجب أن يلقى الاهتمام والتقدير من جهة ما، ولن تنتظر مكافأة من أي نوع. وستتذوق فكرة العيش في هناء دائم دون البحث عن تزكية المحيطين أو انتظار متعة مباشرة عبر تميزك عن الآخرين، لأن الاستغراق العميق في تلك الحالة يجعل الفرد مندمجا لدرجة عدم وجود أهمية لأي شيء آخر بالنسبة إليه، وهكذا تنبثق المتعة من داخل العمل، ويصبح غاية بحد ذاته أكثر من كونه وسيلة لتحقيق شيء ما، فعندما تكون في حالة التدفق، فأنت لا تعمل بهدف كسب رزقك، لأن ما تمارسه هو متعة بحد ذاته، ويصبح كسب الرزق وما سوف تحصل عليه من العمل بعد المتعة بمثابة زيادة أو علاوة، وتعني كلمة “إيكي” الحياة، أما “غاي” فتعني القيمة، لذا يمكننا ترجمة مصطلح (إيكيغاي) على أنه إيجاد القيمة في الحياة أو اكتشاف الهدف، وبدلا من السعادة اللحظية العابرة، يجب علينا السعي إلى حياة ذات معنى، والمساعدة في العثور على هدف ثابت، مما يعطيه القناعة والحافز للعيش. ومن أجل العثور على الإيكيغاي الخاص بك، يلزمك كتابة ثلاث قوائم. الأولى قيمك، والثانية الأشياء التي تستمتع بها، وأخيرا الأمور التي تجيدها. والنقطة التي تحدث من تقاطع القوائم الثلاث هي الإيكيغاي الخاص بك، فما رأيك بهذا المفهوم الياباني الجميل؟ وهل تستطيع تحديد الإيكيغاي الخاص بك؟.