لمى الغلاييني

تحاول بعض الكتب والبرامج الترويج لثقافة الحل الجاهز، كالحصول على الرشاقة في أيام، والثراء عن طريق التخيل، وكبسولات التنمية السريعة، والعديد من الاقتراحات التي تشترك جميعها في ترسيخ ثقافة الاتكال وضربات الحظ، ومقامرات الأحداث، مما ينعكس بخطورة على انتشار فيروس الكسل الذي يبقى من أشد الغرائز ضررا بالفرد والنوع البشري، فحين لا نبذل الجهود المطلوبة تميل الكينونة للإغفاء، والغرائز للخمول، ويميل العقل للسهو، والحضارات للتراجع، فيكفي أن يغفو الإنسان قليلا لينخفض معدل التقدم، فطرق الحياة صاعدة تحتاج لطاقة دافعة هي الطاقة الحيوية، وإكسير التطور في الإرادة، فلا يقف المستلقي إلا اذا أراد الوقوف، ولمعاودة الاستلقاء يكفي أن يترك جسده على سجيته بدون جهد، ولا يستيقظ النائم إلا حين يهم بالنهوض ويسعى إليه، لكن قليلا من الفتور يكفي لاسترخاء الأوصال وهبوط الأجفان، ولذلك يقال «استسلم فلان للنوم»، ولا يقال «استسلم فلان لليقظة»، لأننا كي ننهض نحتاج لإرادة واعية، فإذا لم يتعلق الأمر بالدوافع البيولوجية كالجوع والعطش والألم وتجاوز الخوف، بل هناك دوافع نفسية منبعثة من الحاجة لتقدير الذات والاعتراف، والتقدير، فنحن نعمل وننتج ونبدع حين نقرر ذلك، أما حين لا نقرر شيئا ولا نريد هدفا، وحين نفقد الحافز لتحقيق أي أمر، ولا نسعى لحماية كينونتنا، حينها تخفت جذوة الوعي، وتبدأ أرواحنا بالذبول، ولا يقصد بذلك أن تقلد مسيرة الجموع وتواكب اهتمامات الحشود لمجرد الانتماء، فهذا لن يشبع كينونتك، بل أن تعمل بأسلوب صادق وأصيل يلبي إرادة النمو الخاصة بك أنت ذاتيا، بعد أن تفهم بصمتك، وهنا سيكون نجاح أو فشل الأعمال نسبيا، فقد يخوض البعض مشاريع خاسرة بالمقاييس الموضوعية لكن الأصالة التي خاضوا بها معاركهم ساعدتهم في تحقيق نموهم الخاص، والإسهام في التقدم البشري، وفي المقابل هناك من ربح بالمقياس المادي لكن انعدام الأصالة في مشاريعهم جعلهم يفشلون في تحقيق نموهم الخاص، فعاشوا عالة على التاريخ، فالخيبة ليست في ألا يحقق الهدف أهدافه، بل ألا يحقق لنا الهدف نمونا الخاص، وهذا تفسير معنى العمل الصالح، أي الذي يصلح حال صاحبه، ويلبي نموه في مستوى القيم الروحية، ولم يقترن ذكره في القرآن بنوع محدد من الأعمال، لأن لكل ذات أعمالا متفردة تصلح لها، وتصلح بها، وتلبي بداخلها إرادة النمو، فأنا لا أملك ضمانات حول النتائج النهائية، وقد يراها من حولي خاسرة بمعاييرهم، لكنني طالما سعيت بصدق وأصالة فقد نجحت مسبقا في تحقيق نموي الخاص، وسأرضى بالنتائج مهما كانت، يقينا بوعد الله ‏وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، فأنا مسؤولة عن السعي والنتيجة بيد الله.

LamaAlghalayini@