د.محمد باجنيد يكتب:

قلت في المقال السابق إن هاجس البطالة غريب ولا معنى له في بلد يبلغ عدد الموطنين فيه قرابة 20 مليون نسمة.. وتتنوع أوجه الاستثمار فيه بتوسع كبير ينبئ عن نهضة كبيرة، تجعلنا قادرين على أن نستوعب كافة مواردنا البشرية ونضمن لها حدا أدنى للأجور يوفر الحياة الكريمة لها.

واليوم أقول بمنتهى الوضوح إنه عندما تلجأ الأجهزة المعنية في المملكة إلى تفعيل نظام مثل «حافز»، الذي يقدم كمعونة للمواطن العاطل عن العمل لمدة عامين، ولا يكون لهذا النظام حافز آخر يدفعه للبحث عن وظيفة؛ بسبب عدم وجود آلية واضحة تتكفل بالبحث له عن هذه الوظيفة وفقا لمؤهلاته وقدراته، وترك هذا الأمر له عبر اشتراطات تفرضها الوظيفة، وتحتم عليه إكمالها وتكلفه مبالغ للحصول عليه، عندها تشعر أن الأمور بدأت تدخل نفق التعجيز.. وأقترح في حالة احتياج الخريج الجديد لشهادات مهنية للحصول على الوظيفة أن تتولى الدولة تكليف الوزارات المختصة بتوفيرها.. وأن يتم التعريف بهذه المتطلبات خلال المرحلة الأخيرة من الدراسة في الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية؛ حتى يكون الخريج واعيا بهذه المتطلبات.

إنني أدعو الجهات المعنية بتوطين الوظائف لتحمل المسؤولية تجاه أبناء وبنات البلد؛ لينعموا بالاستقرار في بلد ينظر إلى مواطنيه بشيء من العلو من قبل مواطني الدول الأخرى ولا يدور بخلدهم أنه يعاني من مشكلة بطالة.

عندما يجهل خريجو الثانوية احتياجات السوق من التخصصات التي تعينهم على اختيار التخصص في المرحلة الجامعية أو الدبلومات في المعاهد المتخصصة، تسير الأمور بالبركة، والبركة في النهاية تخرج لنا مهندسا وطبيبا عاجزا عن الحصول على وظيفة تناسب تخصصه، مما يدفعه إلى القبول بأي وظيفة ليعيش ويفتح بيتا ويكون أسرة.

ولكي نعالج هذا الأمر من جذوره علينا أن نقبل بعجز السوق عن استيعاب مثل هذه التخصصات، التي كنا إلى عهد قريب نظن أن وظيفتها جاهزة، بل وتتسم بالندرة، ولكن الواقع يقول إن خريجي هذه التخصصات باتوا يعانون من البطالة أسوة بغيرهم من التخصصات الأخرى، ولا أدري إن بقي هناك وافدون يشغلون بعض هذه الوظائف وكم عددهم؟.

والحل بالطبع لن يكون عبر «حافز» وأخيه «ساند» فهذه الحلول تسكينية.. الحل يكون بالتخطيط السليم لاحتياجات السوق بعد معرفتها بشكل دقيق من خلال الدخول في تفاصيل استثمارات رؤية 2030 وتوقيت الانتهاء من مشاريعها التنموية.

يجب أن يكون هدفنا المرحلي السريع هو تسكين خريجي التخصصات المختلفة في وظائف مقاربة.. أوحتى بعيدة تضمن لهم عائدا مناسبا يعينهم على الحياة بكرامة، وعدم تركهم على رصيف البطالة والتخطيط لتوجيههم مستقبلا للوظائف التي تناسب تخصصاتهم.. نعم سكنوهم ولا تهملوهم!

وللحديث بقية.. انتظروني.

@bajunaidm