ماجد عبدالله السحيمي

يصنف علماء النفس والسلوك أن مفهوم المشكلة قد يحتمل أكثر من تعريف، فمن الممكن أن تكون المشكلة هي حالة عدم الرضا نتيجة لقرار ما أو وجود عائق يحول للوصول إلى نتيجة ما، والبعض منهم ذهب إلى أبعد من ذلك قليلا، وعرف المشكلة بأنها كل ما يجعل الإنسان في موضع تردد وحيرة لرؤية خيار معين أو الشعور بوجود صعوبة أو عقبة لا بد من تخطيها لتحقيق هدف معين، إنها الاصطدام بواقع لا نريده، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه أو عكس ما توقعنا. تعمدت سرد عدة تعاريف للمشكلة لأحاول أن أبينها من عدة زوايا، بحيث لا تخرج عن ذلك بمفهومها علميا وسلوكيا. كما أن أغلب علماء المشاكل صنفوها إلى نوعين، الأول المشكلات المغلقة والأخرى المفتوحة، فالنوع الأول وهو مشكلة في وسطها الحل أي أن كل ما علينا هو البحث عن الحل الموجود أصلا بداخلها، كمعادلات الرياضيات والمسائل الحسابية، أما المفتوحة فهي كل ما يتطلب تدخلا من خارجها كتعطل السيارة. أعتقد حتى الآن (حنا حلوين) بتعريف المشكلة، ولكن في الواقع وعلى الأرض هناك نماذج من البشر لا تفرق بين حادث مروري وبين تأخير كوب القهوة فكلاهما مصيبة بالنسبة له، فهم بالنسبة لهم تعريف المشكلة هو أي شيء خلاف ما أريده تماما 100%، وحتى إن كان هذا الشيء بسبب أو بدونه، أو يترتب عليه ضرر أو لا؛ لأنه اختلف عن السيناريو الذي تم رسمه فقط، وهذا دليل كاف ليقول «أنا في مشكلة» وهؤلاء صنفوا أنفسهم علماء في المشاكل. بالنسبة لي وفي ظني المتواضع أنني أضع كل التعاريف أعلاه جانبا، وأنضم إلى ركب علماء المشاكل وأضع لي تعريفا جديدا لها، فأقول إن المشكلة هي أي أمر خطأ بشرط أنه لا يمكن تجاوزه، فمثلا لو تأخر كوب القهوة ولم أكن مستعجلا فتنتفي صفة المشكلة بناء على تعريفي، وإن تأخر العشاء على الضيوف الذين سيسمرون عندي أصلا، فهذا أمر أيضا خال من أي مشكلة لأنه لا مضرة في تجاوزه. وجدت هذا التعريف مهما جدا وحلا عظيما لكثير مما يكدر خاطري، فقبل أن أحكم على أي «مشكلة» بأنها مشكلة أضع معيار التجاوز وترتب المضرة، فإن انتفى ذلك انتفت المشكلة لدي بصفة قطعية، فحين تنعدم المضرة لا مشكلة وحين تنعدم الأهمية لا مشكلة، وحين يعاد ترتيب الأولويات فأيضا لا مشكلة، كرسم عدد من السيناريوهات المتوقعة لتجنب أي مشكلة حتى تصبح النتيجة لا مشكلة. أعرف أشخاصا يبحثون عن المشاكل، كما يبحث صاحب البنشر عن ثقب في الإطار، فعندما يتحدث ولا تلتفت إليه أو لا تتسمر أمامه فهذه مشكلة، وحين لا تجيب على رسالته مباشرة فتلك مشكلة، وحين يتوقف عند الإشارة الحمراء وهو خارج أصلا للتنزه فهذه أيضا مشكلة، وسأصنف هؤلاء بأنهم علماء الإصرار على المشاكل. وختاما أقول الحالة نفسها في الحالتين والفرق في مدى إصرارك أو تجاوزك عنها هنا يكمن التعريف وينطبق عليك. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: النوايا الطيبة لا تخسر أبدا، في أمان الله.

@Majid_ALSuhaimi