د. محمد حامد الغامدي

* هكذا يتم طرح هذا السؤال.. من كل شخص جديد أقابله.. وكنت أعتقد أن الماء قصة كل مواطن.. ورغم ذلك.. جميل أن يعرف النّاس.. ما غاب عنهم.. فباب الفضول.. من أعظم الأبواب قاطبة.. لأنه أداة اختراق الحواجز.. بكل أشكالها.. وأنواعها.. وأحجامها.. وألوانها.. وأهدافها.. وتوجهاتها.. فالفضول صفة إيجابية.. للبحث.. عن ذلك المجهول المحرك.. أليس من حق النّاس أن تعرف؟ فالجهل أصل في الإنسان. وبالفضول.. ننتقل لساحات المعرفة الواسعة.. فنتعلم.

* هل لكاتبكم قصة مع الماء؟ ما هي؟ كيف تكونت؟ لماذا كانت هناك قصة؟ لماذا طرح مثل ذلك السؤال؟ من جهتي أقول: هل لشخصي قصة معكم كقراء؟ لماذا كانت؟ كيف تكونت؟ نعرف أن لكل قصة أبطالا، فأنتم أبطال قصة نجاح كفاحي لصالح الماء. بكم أفتخر. أنتم من جعلها حقيقة، تتحدث عن نفسها. وقد استغرقت في بناء هيكلها أكثر من ثلاثة عقود. فأثمرت بكم، وعيا مسئولا يتحدث عن نفسه.

* خلف كل قضية مطروحة قصة، أيا كان نوعها. فأجمل القصص، من تجربتي الشخصية، تأتي من تبنّي قضية علمية، حيث تتم صناعة القضايا العلمية، بالتساؤل (الفضول).. فيتشكل دافع البحث عن الجواب، حيث يتشكل بنهايته إثارة قضية. هنا مربط الفرس بين العلماء، فبعضهم تأتي نهايات عمله بدون قضية؛ لأن جهوده لم تثمر في نفسه، فكيف له التحدث عن قضية لم يبلورها علمه وعمله؟ كيف يقدم شيئا لا يملكه؟ تقول العرب: فاقد الشيء لا يعطيه. بعض القضايا تظل حبيسة لعجز أصحابها، كنتيجة تغيب قصتها.

* بعض القضايا تحتاج إلى دفاع مستدام.. للتذكير بها عبر مرافعات لا تكل ولا تمل، لتصبح قضية لدى الآخرين، وعيا واهتماما وأهمية. بدورهم يؤسسون للقضية مسارات أخرى لصالحها، تخدم وتعزز، وتقزم الأبعاد السلبية. فالماء قضية تهم كل مواطن. كنتيجة يجب أن تظل دائمة الطرح، حاضرة لا تغيب، وهذا ما أفعله.

* عندما يتم طرح السؤال: (وش قصتك مع الماء؟)، فهذا يعني أن أبعاد القضية وصلت، وأصبحت مفهومة. كنتيجة قد يكون هدف السؤال هو تأكيد تبنّي قضية القصة، أو قد يكون احتجاجا، حيث يرى البعض أن ترديدها نوعا من (الأذية). هذا يعني أن أصحاب ذلك السؤال، يقعون في شرائح ومستويات مختلفة، يمكن وصفها وتشريحها.. لمزيد من الفهم.

* الشريحة المُرحّبَة تصبح في خانة صاحب قضية الماء. فهذه تزيد مساحة القناعة التي أحمل دفاعا عن المياه. بالنسبة للشريحة (المتأذية)، فإني أضعها في خانة: (لا في العير ولا في النفير)، وهم يتداخلون مع شريحة (طنّش تعش تنتعش). لأنهم لا يدركون أهمية الماء في ظل ندرته.

* هناك شريحة ثالثة، تتعمد تجاهل الحقائق العلمية، رغم معرفتها. هؤلاء هم الأكثر خطورة. فتجدهم يرددون وهم علماء: (ما عنده سالفة)، يقصدون شخصي، أو (تخصصه الأكاديمي بعيد عن المياه). فهل مرافعاتي تجافي الحقائق؟ يتجاهلون ندرة المياه ولا يكترثون. وهناك من يعيش بيننا بشعار: (خذ بيوم السعد حدّه). يعيشون اللحظة كبعض المخلوقات التي تشاركنا الحياة.

* خلال الثلاثة العقود الماضية.. توصلت لقناعة.. بأن قضية المياه.. التي تحملت في سبيلها (الأمرّين)، كما تقول العرب، قد وصل صوتها.. إلى أعمق وأبعد مما كنت أتوقع. أصبحت لها قصة.. استحوذت على التفكير والاهتمام.. وللحديث بقية بعنوان آخر.

DrAlghamdiMH @