ماجد عبدالله السحيمي

الإنسان بطبعه يطمح إلى كل شيء يلبي حاجاته، وحين يصل إلى ذلك يرتقى بتطلعاته إلى ما فوق حاجاته مستمرا في رفع هذا السقف، وأتفق مع هذا من ناحية فطرة الإنسان خاصة إن تعلق ذلك بالمادة فحب البشر للمال هو حب جم. قد يكون الأمر مقبولا لحد ما، ولكن هناك أناسا لا يحبون هذا الحد، فزيادة الأرقام أمر مطلوب بغض النظر عن الحاجة إليها، فمثلا من يملك مليونا يرغب في مضاعفته وكذلك المليار وهذا طبع البشر. لكن النقطة التي أرغب في الوصول إليها سأمثلها في المثال الآتي، لو دعيت إلى مطعم بنظام البوفيه المفتوح وأنت جائع جدا فمن الممكن أن تأكل ما يشبعك مرة أو مرتين، وفي أقصى الحالات ثلاثا إن كنت نَهِمًا في الأكل، ولكن من المستحيل أن تأكل ما يأكله خمسون شخصا. كذلك العمل على جمع المال هناك أشخاص يسعون في زيادة ومضاعفة ما يملكون، وهم يعلمون تماما أنهم لن يتمكنوا من الاستمتاع إلا بربعه فقط، أما الباقي فهو زائد عن أبعد حاجاتهم ولن يصلوا إليه لو عاشوا 100عام. بعض الناس أصبح الثراء له ليس بما يملك، بل بما يزيد من أرقام مع أنه قد لا يزيد من رفاهيته، بل وعلى نفس المستوى فمن يملك مليارا يعيش بنفس مستوى من يملك ثلاثة، كلهم قصور وخدم وطائرات خاصة مع مراعاة فارق المجهود في الثروتين. لست هنا لأقول إن القناعة كنز الفقراء والغنى هو غنى النفس، فأنا مدرك تماما بضرورة السعي في الأرض لعيش رغيد سعيد، ولكن أوجه كلامي لأناس يضيعون وقتهم وصحتهم وكثيرا من حياتهم، ويحرمون من أولادهم وأهلهم وكثير من الملذات من أجل جمع أموال لن يروها ولن يصل إيها إلا أحفادهم، فانشغلوا عن الاستمتاع بما يملكون بالسعي إلى ما لن يصلوا إليه. قناعتي التامة هي أن المال الذي لا ينعكس عليك ولا يغير حياتك ويكون فقط مجرد رقم بنكي فهو مضيعة لوقتك وصحتك، بل ويشغلك ويحرمك عما أنعم الله به عليك الآن فلا طلت هذا ولا حصلت على ذاك. هناك من يسعى من أجل سيارة جديدة أو منزل جديد أو مستوى رفاهية أعلى، وهذا منطق وصحيح ولكن هناك من يحاول فقط اتساع دائرة ماله دون أن يحتاج شيئا منها، وهنا أقول له أنت تحرم نفسك وتعمل لغيرك. السعادة ليست أرقاما بل هي أن تستمتع بما لديك، مهما كان هذا الشيء الذي بين يديك بسيطا أم فارها صغيرا أم كبيرا، وتأكد أنه كلما زادت أموالك زاد عناؤك في إدارتها وحسابها ومتابعتها فهي معادلة تتناسب طرديا. لا تحرم نفسك من شيء تملكه بالسعي للحصول على ما لا تملكه، فتكون أول الخاسرين لسعادتك التي قد تتكون من بيتك وأهلك وأولادك وما تملك من مال الآن، وتذكر أن هناك من أمضوا 90 عاما من حياتهم وبعدها بقي 90% من أموالهم. واعلم يقينا أن السعادة الأهم والتي قد لا تحققها الأموال هي برضا الله أولا، ثم والديك وأهلك وراحة بالك مع من تحب. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: (النوايا الطيبة لا تخسر أبدا) في أمان الله.

@Majid_ALSuhaimi