د. سمية السليمان



في الأسبوع الماضي بدأت باستعراض المبادئ الستة للتأثير والتي عرّفها أستاذ علم النفس روبرت تشيالديني حيث تطرقت لثلاثة منها هي المعاملة بالمثل والاتساق والدليل الاجتماعي. نتمها هنا:

٤. الود والميل الاجتماعي (liking) - هناك أشخاص نكن لهم الود ونميل لهم ويشبهوننا ونعتبر أنفسنا متقاربين في الميول والمعتقدات. تحت هذه المظلة نجد الفزعة مع ابن العم أو أحد من «الجماعة» مهما ابتعدت صلة القرابة. فينال بسببها وظيفة أو مقعدا في الجامعة أو غيرها من المزايا التي تفوق حقه الطبيعي. الود يمكن أن يولد بالذات من صفة التشابه فإن كنت تود أن تؤثر على أحدهم عليك بالتركيز على القواسم المشتركة ولدينا مثال واضح في تشجيع فريق الكرة على سبيل المثال. ومن الطبيعي أن نميل لمن يشبهنا أكثر من غيره وأن نتأثر به.

٥. السلطة (authority) - هنا نجد أن أصحاب المناصب والصفات الرسمية لهم نفوذ يتعدى وظائفهم. فبعض المسؤولين تقنع كلماتهم دون الحاجة لتبرير الإقناع. فينتهي الأمر بـ«قال فلان..» وكأنه قانون وإن تحدث عن الشركة التي يشتري منها الحليب. فنحن نعطي لكلمات وآراء أصحاب السلطة ثقلا أكبر من غيرهم وفِي مجتمعنا ينطبق ذلك حتى على الكبير بالسن الذي تعلمنا أن احترامه واجب وكلمته مسموعة.

٦. الشح (scarcity) - في هذه الإستراتيجية محاولة للتأثير من خلال جعلنا نعتقد أن الفرصة سوف تفوت إن لم نتصرف. أكثر من يستخدم هذه الطريقة مشاهير «البوتيكات» مؤكدين على أهمية السرعة في الشراء لمحدودية البضاعة. وبعد تفكير أتساءل إن كان هذا المبدأ مؤثرا على الزواج لدينا. فكم من فتاة تزوجت ظنا منها أن هذا الخطيب قد يكون آخر من يطرق الباب؟ وكم شاب تزوج لسبب مشابه؟

في المواقف السابقة أمثلة بسيطة للتأثير وانعكاسات واضحة لها في ثقافة مجتمعنا ولو تعمقنا لوجدنا المزيد. معرفة طرق التأثير على الآخرين مهمة للغاية. فمن ناحية يمكننا أن نوظف هذه الأسس في التعامل عندما نرغب بالوصول إلى نتيجة محددة ولكن الأهم من ذلك هو قراءة المواقف لمعرفة إن كانت هذه الطرق تمارس علينا وتجعلنا نستشعر الامتنان أو الضغط وبالتالي تغير من سلوكنا وقراراتنا بسبب هذا التأثير.

هناك بُعد أخلاقي ومهني مهم جدا يتعلق بمعرفة طريقة الإقناع والتأثير التي في الغالب ترتبط في مجتمعنا بالإحراج. والحرج ناتج في الغالب عما قدم لنا مسبقا من إطراء أو هدية أو تركيز على العلاقة مهما كانت بعيدة. ثقافة العيب هي وجه آخر لنفس العملة.

في مواقفنا اليومية هناك دوما تأثير لنا وعلينا. معرفة آلية التأثير واكتشافها مبكرا مهمة لمعرفة إن كنّا تصرفنا بكامل وعينا وحسب قيمنا ورغباتنا أم أننا وقعنا ضحية أحد المبادئ.