لمي الغلاييني

كثيرا ما يبدو لنا أن معظم الأمور، التي تحدث خارجة عن سيطرتنا، لكن الحقيقة هي أن ما تكونه اليوم هو نتيجة اختياراتك الماضية، وكل نتيجة يكمن وراءها سلسلة من الخيارات، ففي كل موقف واجهك سابقا كنت تُقدم على اختيار ما قادك للسير في اتجاه معين، بناءً على قناعاتك الداخلية، التي تعمل كمرشحات إدراكية للحياة من حولك، فقد ترى العالم من خلالها مليئا بالأمل والفرص، أو ربما موحشا يكثر فيه القساة، الذين ينتظرون أي فرصة للانقضاض، ولكننا في كل مرة نتيح فيها الفرصة لتبني المزيد من الخيارات الإيجابية والتحرر من قناعاتنا المقيدة، فنحن نمنح أنفسنا الفرصة للتعامل مع مواقف الحياة بشكل أكثر حكمة وذكاء وأقل توترا.

إنك لا تستطيع دائماً اختيار ما يحدث لك وما يحدث حولك، لكن بإمكانك دائماً اختيار طريقة التعامل مع تلك الظروف، وتبني المنظور الذي تراها به، فلكل تجربة العديد من الأوجه، لكن طبيعة البعض تميل للتركيز على الوجه القاتم وإغفال بقية الأوجه، ويعود السؤال القديم ليطرح نفسه؛ هل نصف الكوب فارغ أم ممتلئ؟، والجواب بسيط جدا وهو أن الأمر يتوقف عليك أنت، ولا بد أن تختار أي النصفين سيشغل تركيزك، وحين يكون لديك توجه إيجابي، فهذا ليس زيفا على الإطلاق، لكنه اختيار متعمد للتركيز على نصف الكوب المملوء والشعور الوفير بالامتنان، وهو مفتاح الحياة الطيبة.

الاختيار هو كل شيء، وإن ما يحدد ما تبلغه من نجاحات ليس القدرات، بل اختيار الاستجابات، وعندما تختار أن تضطلع بمسؤولية حياتك عن طريق رؤيتك لنفسك كفاعل وليس كمفعول به، وأنك متحكّم في تغيير حياتك وليس ضحية لها، فالأمر ليس فيما يحدث لك، ولكنه يتمثل في اختيارك لنوع استجابتك.

ما تفكر فيه معظم الوقت هو ما سيتحقق، فاختار أن تدرب نفسك على التفكير باستمرار في الأشياء التي ترغبها، وأن تصرف ذهنك عما لا ترغبه، وإن جوهر تجدد الكينونة، كلما كنت مستعدا لتبني اختيارات أذكى ستزيد من احتمالات بلوغك ما تريد، فاختيارات المرء تشكل مسار ما سيكونه في الحياة.